حسن اليمني
الجمال ساحر للب الإنسان سواء ذكر أو أنثى، لكن كثير من الجرائم ترتكب بسببه وتحت سطوته وتأثيره.
لست متأكدًا من أن عنترة بن شداد هو القائل:
إذا لاح الجمال وضعت كفي
على قلبي مخافة أن يذوبا
رحمت قلوب من عشقوا جميعا
ومن عرف الهوى رحم القلوبا
لكن من التواضع الإقرار بسحر الجمال وقوة سطوته على النفس وأثره في الروح، وحين يتخاتل الجمال بغنج ودلال فإن كثيرًا من المثل الحامية للأخلاق والسلوك ربما تتراخى قليلا وتضعف وربما تنهار بحسب درجة القوة والعفة للإنسان، وإذا كان ذلك كذلك في مجتمع محافظ ويغلب عليه العزلة والفصل بين الجنسين فإن وجوده لصدفة ربما شكل ما يمكن وصفه بالمفاجأة التي تعطل فيها حواس الإدراك والحذر.
أقول ذلك من باب الاعتراف بقيمة وجود الأنوثة في الحياة البشرية والحيوانية والنباتية حتى، وأدرك أن الحديث في هذه المسائل أرق من الشعرة وقد يؤول إلى غير سياقه، بيد أن الغرض من هذه السطور هو البحث عن حق الرجل في تجنب مثل هذه الصدف والمفاجآت التي قد توقعه في الخطيئة مرغما غير مختار، فالواقع أن الغالب في الاتهام هو للرجل في حالات التحرش والمعاكسة والغزل إلى الحد الذي يجعل المرء يتفكر إن كانت الأنثى شيطانًا محميًّا.
المسألة دقيقة جدا وحساسة وذات شرر سريع الانتشار، ولكن من باب المساواة، لماذا لا نحمي الرجال من فتنة النساء؟ ولماذا نصور التحرش مذكرًا ضد المؤنث الذي حتى في حال حدوثه من الرجل ربما كان في بعض الحالات نتيجة فتنة أنثوية أعيت دفاعاته ومقاومته، أنا لا أتحدث عن الرجل البالغ الناضج المكتفي ولكن عن الشاب المثقل بالحاجات والاحتياجات، فالحاصل حقيقة في أسواقنا وتجمعاتنا أن العين الرقيبة منصبة على الشاب الذكر في كل حركة وسكنة وكأنه جرم أو شبهة يجب الاحتياط والحذر منه بل ومتابعته في لبسه والتفاتاته في الوقت الذي لا نرى جدية حقيقية في متابعة صنوه الأنثوي التي حتى وإن أخفت وجهها إلا أنها تصنع من غطاء الوجه والجسد ما يفتن ويثير القلب ناهيك عن التغنج في الحركة والتدلل في الصوت والإثارة في العطر بما لا يحتمله خصوصية الحال في المكان والمناسبة.
الأمر ليس في مجمله منسحب على كل النساء ولا كل الأحوال فلكل مكان ولكل حال خصوصيته ووضعه المستحق والمحترم وللمرأة الحق في لبس الجميل لما يحقق لها إشباع الذات ولكن لنعترف أن هناك مظاهر جاذبة للفتنة وأحيانًا مستفزة للعاطفة والعشق لكن المعالجة تأتي دائمًا على حساب الشاب ليس لأنه الفاعل ولكن لأنه صاحب ردة الفعل وكأن الأمر تسفيه أو إنكار لحقيقة الأثر والتأثر في غريزة طبيعية في الخلق، هذا ليس عدلاً ولن يكون حلاً ينهي وضعًا متكررًا وسيستمر طالما استمر التجاهل في مواجهة الحقيقة.
إن كرامة الشاب وحقه بالتمتع بشبابه بأكبر من أنه عدل وإنصاف وحق مستحق هو أيضا حماية للوطن بسلامة مسار شبابه ونموهم في مناخ سليم خالٍ من الإحباط والإشعار بالدونية والتقصير كي يعضدوا ويسندوا سلفهم في تأمين مسار الوطن نحو التقدم، فهم رجال المستقبل وهم الخلف في حماية القيم والأخلاق والسلوك ولا يصح أن نجعل من سنين شبابهم ذنبًا وسلة نقذف فيها قصورنا وأخطاءنا بجعلهم موضع شبهة وملاحقة دون أن نلجم تفريط البنات بحسن الخلق والتأدب في سلوكهن واحترام خصوصية الأماكن العامة.