فضل بن سعد البوعينين
تحقيق التوازن الأمثل بين الصناعة، والمحافظة على صحة الإنسان وسلامة البيئة، من الأهداف الرئيسة للدول الصناعية المتقدمة؛ ذات الخبرات المتراكمة في الشأن البيئي؛ وانعكاساته على صحة الإنسان. لذا تجتهد تلك الدول لسن تشريعات صارمة لا يمكن للقطاعات الصناعية خرقها؛ أو الالتفاف حولها؛ بل إن بعض المدن الغربية تتشدد في وضع اشتراطات بيئية إضافية لا تتضمنها التشريعات العامة. ومن الاشتراطات المؤثرة في الأنشطة الصناعية الربط بين الشأن البيئي والمجتمعي؛ بحيث تنشأ علاقة طردية بين حجم المخاطر الناجمة عن المصانع؛ والمنافع المقدمة للمجتمع؛ أو ما يطلق عليه البيئة الحاضنة؛ ومن تلك المنافع برامج سخية للمسؤولية المجتمعية؛ وتوظيف سكان المدينة الحاضنة من خلال وضع (كوتا) في التوظيف لا يمكن خرقها.
الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية، جسد مضمون العلاقة بين الصناعة والبيئة في كلمته التي ألقاها في «ملتقى ومعرض بيئي 1» والتي حث فيها المشاركين على بحث ومناقشة « كل السبل والوسائل التي تمكننا من تحقيق معادلة التوازن البيئي التنموي، لتستمر أولويات هذه المنطقة «منطقة الخير» في العطاء والنماء لتنمية شاملة بحول الله وقوته».
تحقيق التوازن الأمثل بين متطلبات التنمية والمعايير البيئية من الأمور المهمة التي لا يمكن إغفالها؛ بل باتت تتصدر الدراسات الأولية لأي مشروع صناعي. يحرص الأمير سعود بن نايف على تحقيق الأهداف البيئية؛ ويدعم بشكل جلي جميع البرامج الرامية لتعزيز سلامة البيئة والمحافظة عليها؛ وأحسب أن تصريحاته الأخيرة لم ترتبط بالملتقى فحسب؛ بل هي جزء من توجهه الإستراتيجي الذي يلتزم بها قولا وعملا في جميع الأنشطة والبرامج وبما يحقق الاستدامة الحقيقية لمفهوم «البيئة المثالية» في المنطقة الشرقية.
تتميز منطقة الخير عن باقي المناطق باحتضانها لأهم الصناعات في المملكة؛ النفط، الغاز، والبتروكيماويات؛ وبالرغم من كونها تمثل القطاعين الصناعيين الأهم في الاقتصاد؛ إلا أنهما الأكثر تأثيرا على البيئة ما يستوجب التركيز على التشريعات البيئية والبرامج الحكومية الهادفة لتطبيق المعايير البيئية العالمية؛ وللأمانة فإن المعايير البيئية المطبقة في قطاعي النفط والبتروكيماويات تتماها في أساسياتها والمعايير العالمية؛ إلا أن تحديث التشريعات؛ ومراجعة الأخطاء؛ ونقل الخبرات العالمية المستجدة وتعزيز الرقابة البيئية يجب أن تتصف بالاستدامة والفاعلية المحققة لأهداف الحماية البيئية. وأحسب أن الملتقيات والمؤتمرات البيئية التي تعقد في المنطقة الشرقية ويرعاها الأمير سعود تعكس التحديث المستدام؛ والأهمية القصوى لحماية البيئة و صحة الإنسان.
تحقيق «التوازن البيئي التنموي» يتجاوز في مضامينة الحماية البيئية؛ إلى الجوانب التنموية التي لا يقتصر انعكاسها على الاقتصاد الكلي؛ بل اقتصاد المنطقة والمدينة الحاضنة لها؛ وهي فلسفة مطبقة بفاعلية في الدول الصناعية المتقدمة.
وإذا ما طبقنا هذه الفلسفة على قطاعي النفط والبتروكيماويات في محافظة الجبيل؛ فمن المفترض أن ترتفع مساهمتهما التنموية المباشرة على المدينة الحاضنة؛ خاصة في المشروعات التنموية المهمة؛ والتوظيف؛ بشكل خاص.
أختم بالتشديد على أهمية معالجة المخلفات الصناعية لحماية البيئة؛ وأتمنى من الهيئة الملكية بالجبيل أن تسمح بدخول شركات جديدة مسجلة ضمن الأفضل عالميا في تخصصها؛ في قطاع المعالجة وبما يتوافق مع الحاجة الملحة؛ وتفعيل معايير المعالجة التي تشترط معالجة المخلفات الصناعية الخطرة في محيط المدينة؛ وتشديد الرقابة على نقل المخلفات الصناعية الخطرة من خلال وضع أجهزة تتبع في الصهاريج الناقلة لها.