ماجدة السويِّح
صورة ذوي الاحتياجات الخاصة في الدراما والأخبار والإعلانات، حصرت في مجملها بالتركيز على المعاناة، أو طلب المساعدة والتعاطف مع المصابين، للتبرع للجمعيات أو المؤسسات التي ترعى تلك الفئات، أو عرض للخدمات المقدمة لهم، فالصورة الإعلامية المجسدة لا تخلو من التركيز على الحالة الصحية وما يتعلق بها في أحسن الأحوال.
التمثيل للأشخاص ذوي الإعاقة تراجع في التلفزيون الأمريكي من 1.4% عام 2014 إلى أقل من 1% عام 2015، بالرغم من الوعي بأهمية تمثيل الأقليات في الإعلام، والتقدم في دعم ذوي الاحتياجات الخاصة، التراجع في التمثيل لتلك الفئة يعني الحاجة للاهتمام من قبل صناع الإعلام والمؤسسات الإعلامية، لتوظيف صورة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في إنتاجهم الإعلامي والإعلاني، وتقديمه للمجتمع ضمن مسؤوليتهم الاجتماعية في دعم كل فئات المجتمع دون تمييز.
الصورة النمطية التي لازمت ذوي الاحتياجات الخاصة، ما زالت تهيمن على المنتجات الإعلامية الغربية، على الرغم من التقدم في مجال البحوث الطبية والتعليم، والجهود المبذولة لتحسين حياة ذوي الاحتياجات الخاصة.
تمثيل الجانب الإنساني غالبا ما يغيب في العرض الإعلامي والإعلاني لذوي الاحتياجات الخاصة، فتغيب تفاصيل حياتهم اليومية، أحلامهم، طموحاتهم، وكذلك عرض الحياة الطبيعية التي يعيشونها بين أفراد أسرتهم. وربما سلسلة تلفزيون الواقع الأمريكية «Little women» بأجزائها السبعة هي الاستثناء في الكشف عن الجانب الغائب في حياة هؤلاء النسوة وتعايشهم مع مرض التقزم «قصر القامة»، وتفاعلهم مع أدوارهم الطبيعية كزوجات وأمهات وعاملات، وعلاقاتهم مع العائلة والأصدقاء، والمجتمع.
برنامج الواقع حقق دعما للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وتعريف المشاهد بالحياة الطبيعية التي يعيشونها مع معاناتهم المرضية. ففي محطات حياتهم الكثير من التحدي والطموح والنجاح، وبالطبع الفشل والإحباط، وإن كان لا يخلو ذلك المسلسل من عرض لصورة نمطية مستهلكة عن المرأة مسيطرة على غالبية الدراما الأمريكية.
من الخطوات الرائدة والذكية ما قامت بها شركة «جربر» المتخصصة بصناعة طعام الأطفال في اختيار رضيع مصاب بمتلازمة داون، كوجه إعلاني ومتحدث باسم الشركة لعام 2018 على شبكات التواصل الاجتماعي، فقد تمكن الرضيع لوكاس بالفوز على 140 ألف طفل مشارك، في المسابقة التي تجريها «جربر» سنويا بابتسامته المميزة، التي تعبر عن البهجة والفرح.
توظيف أصحاب الاحتياجات الخاصة كوجه إعلاني خطوة رائدة في رفع الوعي، ودعم الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، والمساهمة في تغيير الصورة النمطية باستخدام صورهم، للتعبير عن المعاناة أو طلب المساعدة.
التحول الكبير خطوة في إعادة توظيف أصحاب الهمم في الدراما والإعلان، والتعامل معهم كأشخاص أصحاء، مع مراعاة ظروفهم الصحية، لتجاوز التجاهل أو التنميط لصورهم في الإعلام.
أخيراً.. أطمح أن تثير تلك الخطوة الشركات والمؤسسات السعودية وكذلك العربية، لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة، وزيادة تمثيلهم إعلاميا، لكسر القولبة الإعلامية غير المعبرة عن حياتهم، واحتياجاتهم المادية والمعنوية.