د.محمد بن عبدالرحمن البشر
العالم يسير بسرعة هائلة في حقول شتى، واللحاق به أمر ممكن، لكنه يحتاج إلى طموح، وإرادة سياسية، ورؤية واضحة، ومرنة، قابلة للتأقلم مع المعطيات المحلية والدولية، والقاعدة التي يمكن بها تحقيق ذلك، هو البدء من حيث انتهى العالم المتقدم، وهذا ما فعلته كوريا، وسنغافورة، وماليزيا.
المملكة العربية السعودية برؤيتها الواضحة، أخذت على عاتقها اللحاق بالعالم في مجالات شتى، وليسعد الشعب السعودي الكريم بتنمية تجعله في مصاف دول العالم المتقدم.
ربان هذا الإبحار هو صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد حفظه الله، الذي وضع أمامه صورة واضحة المعالم، ومع علمه أن هناك الكثير من الصعوبات، إلا أن الطموح الكبير لدى سموه، يجعله يقدم بثقة إقدامًا مدروسًا، طبقًا لبرامج متعددة، ومرنة.
هناك عوامل كثيرة تؤثر في بلوغ الغاية منها ما هو إيجابي ومنها ما هو سلبي، ولذا كان الاستفادة من الإيجابيات محط الأنظار، والتغلب على السلبيات ممكن، باستخدام معاول محلية، بما حبا الله المملكة من إمكانات اقتصادية، وعلاقات سياسية خارجية مميزة، واستقرار محلي وآمن.
النفط، عامل مهم، وسعره يخضع لعوامل خارجية فنية وسياسية، ولهذا فقد سعت المملكة بكل قوة لتكاتف أوبك والدول الأخرى المنتجة خارج أوبك لإيجاد سعر مجزٍ للنفط، من خلال ضبط الإنتاج، ومن ثم التقليل من فائض المعروض، الذي تحقق جزء منه بعد الالتزام الذي فاق نسبة المائة بالمائة، واليوم كان الالتزام أكثر من مائة وخمسين في المائة للشهر الماضي، ولو لم يكن كذلك لكان التأثير السلبي على الأسعار متاحًا، بسبب زيادة محطات الإنتاج النفطي في الولايات المتحدة الأمريكية، ولولا الله ثم حرص المملكة العربية السعودية وقيادتها وتأثيرها عن منتجي النفط من داخل وخارج أوبك لكانت الأسعار دون وضعها الحالي بكثير.
عامل آخر، يصعب التعامل معه، وهو التضخم المستورد، الناتج من ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية وهذا عامل مهم جدًا وله شقان، أحدهما غير مرغوب وهو ارتفاع أسعار السلع، لكن هناك جانب إيجابي، وهو تحفيز الإنتاج الوطني، للحد من الاستيراد لكثير من المنتجات الممكن إنتاجها في المملكة.
عامل آخر يمكن أن يكون إيجابيًا، وفاعلاً للحاق بالعالم، وهو النمو السكاني، فالشباب ثروة المستقبل.
والشباب السعودي لديه القدرة على الإنتاج والإبداع في بيئة تعتمد على الإدارة الحازمة والجادة، وهو ما تعيشه المملكة تحت سقف رؤية صاحب السمو الملكي ولي العهد حفظه الله، ويعلم الجميع، أن العلم والمعرفة أدوات لإنتاج الكفؤ إذا ما أحسن توظيفها، والاستفادة منها، وهذا ما تعمل عليه المملكة بكل جد للحاق بالعالم، وكلنا يعلم أن العالم قرية، وأن الوصول إلى المعرفة أمر متاح، غير أن الفرق هو في توظيف تلك المعارف، وأسلوب إداراتها، ونحن نرى الآن عددًا غير قليل من الشباب والسيدات يحلون محل عدد من الإخوة الآخرين للمشاركة في الشيء بكفاءة عالية.
اللحاق بالعالم ليس سهلاً لكنه ممكن في ظل المعطيات الحالية، لا سيما أن المملكة قد فتحت آفاقاً جديدة لمشاريع ضخمة ذات استثمارات كبيرة، مثل النيوم، وأخرى غيرها في مجال السياحة والترفيه، والتصنيع المتنوع.
العالم يثق بالمملكة ومستقبلها، ويعلم أن استقرارها دائم، وقدرتها المالية والسياسية كبيرة، لهذا تجلب الاستثمارات والمعرفة متاحة بشكل كبيرة، ومن خلالها يمكن اللحاق بالعالم المتقدم.
اليوم المملكة تسير بخطوات محسوبة، وربما في فترة غير بعيدة سترى آثار هذه الهيكلية، والتغير النمطي في أساليب الاستثمار والإنتاج، يعطي أكله، بعد أن أتاحت القيادة الحكيمة لشباب هذا الوطن البيئة المناسبة لمزيد من العطاء الفعال.
حفظ الله هذه البلاد، وأدام عليها أمنها واستقرارها، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين حفظهما الله ورعاهم.