«الجزيرة» - دبي / حوار - محمد المنيف:
في منتصف مارس القادم ستنطلق الدورة الثانية عشرة لمعرض آرت دبي بثوبها الجديد، وبنخب من الفنانين، وبتنوع في الأعمال الفنية التي تتنافس بها الصالات العالمية والعربية. أثبت معرض آرت دبي في مختلف دوراته نجاحات متواصلة إلا أن هذه الدور (الثانية عشرة) تحمل للجمهور وللمستثمرين في الفنون مفاجآت في أسلوب العرض، وفي استضافة أصحاب الاهتمامات من مسوقي الفنون.
بهذه المناسبة يسرُّ الصفحة التشكيلية بجريدة الجزيرة التي تشرفت بالدعوة في دورات عديدة من دورات معرض آرت دبي، منها هذه الدورة، أن تسلط الضوء على الجديد من خلال مديرة المعرض السيدة ميرنا عياد التي قالت في حديثها للصفحة:
يولي «آرت دبي» اهتمامًا كبيرًا للجودة لا بالكمية؛ إذ لا يتطلع «آرت دبي» إلى أن يصبح المعرض الأكبر، وإنما الأفضل من حيث جودة وتميُّز الفنون المشاركة من مختلف أنحاء العالم، مع تركيز خاص على فنون الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا، وجنوب آسيا. ويسرنا في هذا العام الإعلان عن مشاركة غير مسبوقة، تتمثل بمشاركة 105 صالات عرض فنية من 48 دولة؛ لتكون بذلك الدورة الأكبر لنا على الإطلاق؛ إذ يمثل التنوع العنصر الأساسي لدينا، ودائمًا ما نحرص على إظهار هذا التنوع في المعرض. فمن البيرو إلى بوينس آيرس، ومن بيروت إلى جدة، ومن مصر إلى إثيوبيا، ومن الهند وباكستان وغيرها.. فإن فنون العالم بأسرها حاضرة في دورة هذا العام من «آرت دبي». ويعكس تنوع الصالات المشاركة سمات العالمية والحيوية للمدينة المضيفة، كما يعكس في الوقت ذاته تنوع برامج المعرض الحافل بالمشاريع والمبادرات والفعاليات المختلفة. نأمل بأن نواصل مسيرة «عرض العالم» في «آرت دبي»، ومواصلة الجهود لدعم الطاقات الإبداعية المحلية والعالمية من خلال برامجنا وفعالياتنا المختلفة.
وعن كيفية اختيار الصالات، وهل يعتمد فيها على نوعية الأعمال الفنية وجودتها أم للصالات حرية ما ترغب في عرضه دون تقييم إدارة المعرض؟ قالت السيدة ميرنا: قمنا بتعيين لجنة اختيار مؤلفة من صالات عرض مختارة، هي: إيزابيل فان دن إيندي (دبي)، وصفير - زملر (بيروت/ هامبورغ)، وفيكتوريا ميرو (لندن)، وكرينزينجر (فيينا)، إلى جانب القيمَين الضيفَين (الدكتور سام برداويل وتيل فيلراث)، اللذين سينظران معنا في طلبات المشاركة في المعرض. ويشترط في صالات العرض أن يكون عمرها عامين على الأقل، وأن تمتلك قائمة قوية من الفنانين والبرامج الدورية التي تعكس رؤيتها واهتمامها بالفنانين لديها. ومن معايير القبول الأخرى المهمة مدى صلابة وإحكام مقترح القيمين التنظيمي نفسه. وقد بلغت نسبة الصالات المتقدمة للمشاركة مرة أخرى نحو 94 في المئة؛ ما يجعل من المشاركة في المعرض أمرًا بالغ الصعوبة. ومع ذلك، دائمًا ما نرحب بالمشاركين الجدد هذا العام من دول، تشمل إثيوبيا وأيسلندا على سبيل المثال.
وحول قيام إدارة المعرض بمهمة التسويق أم يُترك الأمر للصالات المشاركة؟ قالت السيدة عياد: نعمل بشكل وثيق مع صالات العرض المشاركة لتحديد المقتنين ودعوتهم إلى المعرض. وإضافة إلى ذلك، لدينا فريق رائع خاص بكبار الشخصيات. وعادة ما أقوم برحلات دورية إلى الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا، وجنوب آسيا، وبعض أجزاء أوروبا، في حين يقوم زميلي بابلو ديل فال، مديرنا الفني الذي يقيم في لندن، برحلات إلى أوروبا وأمريكا الشمالية. نحرص دائمًا على استقطاب المقتنين الجدد إلى المعرض، ونعمل مع مقتنين محليين/ إقليميين لإثراء ثقافة الاقتناء، ونتبع لذلك عددًا من الأساليب والفعاليات المميزة، مثل فعالية «صالون الفن»، الخاصة بالمقتنين فقط، التي تشهد أنشطة شهرية، كحفلات العشاء الخاصة، والجلسات الحوارية مع المنخرطين كافة بقطاع الفنون.
وتجيب السيدة ميرنا عن اكتفاء إدارة المعرض برسوم إيجار المساحات المخصصة للصلات أم لها نسبة من المبيعات؛ إذ قالت: إن الصالات تدفع أجرة المساحة التي يستأجرونها طوال مدة المعرض، ولا نأخذ أية نسبة على المبيعات التي تتم خلال المعرض.
وعن تعامل إدارة المعرض مع الأفراد من الفنانين أم نع الصالات فقط؟.. أجابت: إن إدارة المعرض تعمل مع الفنانين مباشرة. ومن الطرق التي نستخدمها في ذلك «ذا روم»، التي تمثل فسحة تشاركية فنية رائعة، يُدعى إليها الفنانون للمشاركة في عروض أدائية، وأعمال تركيبية، وفنون طهي، وغيرها من الفعاليات المميزة. وفي هذا العام ستستحوذ مجموعة «جي سي سي» على الغرفة، وستحولها إلى استوديو يبث برنامج تلفزيوني صباحي خاص. أما بخصوص القسم الافتتاحي الجديد الذي ينظم تحت عنوان «ريزيدنتس»، والذي يخص الفنانين المقيمين، فقد دعونا 11 فنانًا من مختلف أنحاء العالم لقضاء 4 - 8 أسابيع في الإمارات العربية المتحدة لإبداع أعمال فنية، وعرضها خلال فعاليات المعرض.
وتضيف السيدة ميرنا حول الملاحظة تجاه قلة عدد صالات العرض الخليجية، وخصوصًا من المملكة، قائلة: يسرنا مشاركة صالتين من المملكة العربية السعودية، هما صالة (حافظ) وصالة (أثر)، وكلتاهما من جدة. وتعتبر (أثر) من الصالات التي تحرص على المشاركة بشكل دوري في المعرض رافعة علم المملكة العربية السعودية منذ عام 2009. ويظهر الفن السعودي في صالات أخرى أيضًا؛ إذ تعرض صالة كرينزينجر من فيينا أعمالاً لكل من الفنانة مها الملوح، والفنان عبد الناصر غارم، في حين تعرض صالة «غاليريا كونينوا» من (إيطاليا/ كوبا/ فرنسا) أعمالاً لأحمد ماطر، وتعرض صالة «فرانكو نويرو» من تورينو أعمالاً لدانا عورتاني، وتعرض «سلمى فيرياني» أعمالاً لمايا الملوح. كما يسرنا أن نتشارك مع معهد «مسك للفنون» (مؤسسة محمد بن سلمان) التي ترعى «آرت دبي مودرن» التي تقدم معرضًا غير مخصص للبيع للاطلاع على مواضيع الحداثة في خمس دول عربية، هي: (مصر، العراق، السودان، المملكة العربية السعودية والمغرب). أما فيما يتعلق بصالات العرض الخليجية فهناك مشاركة جيدة من دبي، إلى جانب صالة «دار البارح» من البحرين.
أما عن نتائج الزيارة للمملكة، وعن انطباعها عن الفن التشكيلي السعودي، فقد قالت السيدة ميرنا عياد: أنا أسافر إلى المملكة العربية السعودية بشكل منتظم منذ أكثر من 15 عامًا كجزء من عملي السابق بوصفي كاتبة ومحررة مهتمة بالممارسات الفنية بالشرق الأوسط. وقمتُ أيضًا بتحرير كتاب «المملكة المعاصرة: المشهد الفني السعودي اليوم» الذي استطلع المشهد الفني السعودي. وكانت سعادتي بالغة باستكشاف العديد من الكنوز الثقافية في المملكة، ويسعدني جدًّا التقدم الكبير الذي تشهده المملكة. كما حضرتُ معظم المعارض التي أقامتها «حافة الجزيرة العربية» ومعرض «39، 21». لقد كان أمرًا رائعًا هذا العمل الوثيق مع الفنانين السعوديين، والاطلاع على مدى نضجهم والإنجازات التي حققوها، بدءًا من الاستحواذ على المتاحف وسجلات المزادات العالمية، حتى المعارض والعروض الكبرى في منصات فنية مهمة، مثل «بينالي البندقية». ونحن مسرورون أيضًا بالشراكة مع معهد مسك للفنون، ومتحمسون جدًّا حيال مستقبل الفن السعودي. لقد عدت للتو من جدة؛ إذ حضرت معرض «39، 21»، وسعدت جدًّا بجودة العمل المقدم، ولاسيما المعرض الذي نظمته مايا الخليل في صالة أثر، وأحمد ماطر في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، الذي نظمته جمانة غوث.
وأخيرًا وجهنا السؤال المعتاد عن جديد هذه الدورة فقالت مختتمة اللقاء: نقدم قسمًا جديدًا تحت عنوان «ريزيدنتس» الخاص بالفنانين المقيمين (المشار إليه أعلاه)، الذي استحوذت عليه مجموعة «جي سي سي» (المشار إليها أعلاه أيضًا). ونحن سعداء جدًّا بتقديم جائزة مجموعة أبراج الفنية التي فاز بها الفنان لورنس أبو حمدان، إلى جانب الفنانين المرشحين: نيل بلوفا وبسمة الشريف وعلي شيري. أما الندوة الثانية لـ «آرت دبي مودرن» فستعقد في صالة مسك. كما ستتناول النسخة الـ 21 من «منتدى الفن العالمي» موضوع الأتمتة، وتحمل عنوان «أنا لست روبوتًا».. وغيره الكثير.
***
بطاقة تعريف
ميرنا عياد مدير معرض آرت دبي، كاتبة ومحررة مستقلة، وخبيرة استشارية مختصة بالفنون. تقيم ميرنا في الإمارات منذ أكثر من 30 عامًا، وهي من مواليد بيروت سنة 1977. كتبت ميرنا خلال مسيرتها الفنية بفيض للعديد من الصحف والمجلات العالمية، منها نيويورك تايمز، وذا آرت نيوز بيبر، وآرتسي، وآرت فوروم، وآرتنت، وذا ناشونال، وغيرها. وألفت كتبًا حول مجموعات فنية مهمة، وحول الحركات الفنية في كل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. وعملت في السابق محررة لمجلة كانفاس العريقة والمختصة بالفنون والثقافة في الشرق الأوسط والعالم العربي ثماني سنوات (2007 - 2015). وتعرف ميرنا عياد اليوم بوصفها أحد أهم الأصوات الثقافية في منطقة الشرق الأوسط.