«الجزيرة» - محليات:
بدأت بمدينة جدة يوم أمس الدورة الرابعة للمؤتمر الإسلامي لوزراء العمل في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، تحت شعار: «وضع إستراتيجية مشتركة من أجل تطوير القوى العاملة» بحضور معالي الدكتور علي بن ناصر الغفيص، وزير العمل والتنمية الاجتماعية رئيس الاجتماع ومشاركة معالي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي.
حيث بدأت الجلسة الافتتاحية أعمالها بكلمة كل من كلمة رئيس الدورة الثالثة للمؤتمر الإسلامي لوزراء العمل والذي تمثله دولة اندونيسيا هذا العام، تلاه انتخاب الرئيس وأعضاء المكتب، بعد ذلك ألقى معالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي كلمة جاء فيها:
يسعدني أن أخاطب الدورة الرابعة للمؤتمر الإسلامي لوزراء العمل المنعقدة في جدة. واسمحوا لي أن أتقدم بعظيم الشكر للمملكة العربية السعودية لاستضافتها هذه الدورة، الأمر الذي يعكس مدى اهتمام القيادة السعودية، ممثلةً بخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد، حفظهم الله، بكل ما من شأنه رفعة الإسلام والمسلمين والدفاع عن قضاياهم المشروعة، فضلاً عن دعمها المتواصل للمنظمة كدولة المقر.
كما لا يفوتني التوجّه بموفور الشكر لمعالي الدكتور علي بن ناصر الغفيص، وزير العمل والتنمية الاجتماعية، وكافة المسؤولين في الوزارة وفي الجهات الحكومية الأخرى المعنية لما تم اتخاذه من ترتيبات كبيرة لإنجاح هذا المؤتمر ولما أحيطت به جميع الوفود والمشاركين من ضيافة كريمة وغير مستغربة.
وفي الإطار نفسه أود أن أشيد برئاسة الدورة الثالثة للمؤتمر الإسلامي لوزراء العمل، وأخص بالذكر جهود معالي السيد مناكير حنيف ذاكري، وزير الموارد البشرية في جمهورية إندونيسيا على كل ما أُنجز من عمل خلال السنتين الماضيتين. والشكر موصول لكم أيضاً أصحاب المعالي الوزراء وأصحاب السعادة رؤساء الوفود على مشاركتكم في هذا المؤتمر الذي يبحثُ مواضيعاً مهمةً مدرجةً على جدول أعمال هذه الدورة، آملين أن تفضي مداولاتنا اليوم إلى تفهم أكبر للتحديات التي تواجهنا، ومعرفةً أعمق بالسياسات الممكنة للتصدي لها، ومناقشة الخطوات العملية التي يمكن اتخاذها للحد من البطالة في بلداننا من خلال تبادل الخبرات وتعظيم التعاون وتنسيق الجهود في إطار المنظمة.
ولا يخفى على أحد أن سوق العمل في مختلف أرجاء العالم يمر بمتغيرات جذرية نتيجةً للابتكار التكنولوجي، والخصائص السكانية، والتغير المناخي، والعولمة. وهذا التغير لم يسبق له مثيل من حيث المستوى والسرعة والعمق، ومن ثم فهو يفضي إلى قدر أكبر من حالة عدم الاستقرار ويؤدي إلى تساؤل الشعوب عن قدرات حكوماتها في تأمين المستقبل الذي تطمح إليه.
لذا فإن اختيار «وضع استراتيجية مشتركة من أجل تطوير القوى العاملة» شعارا لهذا المؤتمر، يعكس حرص المنظمة على مساعدة الباحثين عن فرص العمل في دولها الأعضاء على تطوير مهاراتهم الشخصية والتنظيمية ومعارفهم وقدراتهم، وتسهيل دخولهم إلى سوق العمل. ومن نافلة القول إن هذه المبادرة لن تسهم في زيادة فرص العمل ورفع مستويات المعيشة لشعوبنا فحسب، وإنما سوف تطور كذلك من قدراتهم التنافسية ومستوى مهاراتهم وبالتالي من أدائهم في منظومة الاقتصاد العالمي إن شاء الله.
ولقد كان لمخرجات الدورة الثالثة للمؤتمر الإسلامي لوزراء العمل في إندونيسيا في 2015 عظيم الأثر في تعزيز روح التضامن، وتعميق التعاون بين دولنا الأعضاء، والذي يبدو جلياً من خلال عدد المبادرات والمشاريع التعاونية التي تُبحَث خلال هذه الدورة، بالإضافة إلى الاعتماد التاريخي للنظام الأساسي لمركز العمل في الدورة الثالثة والأربعين لمجلس وزراء خارجية المنظمة التي عقدت في أوزبكستان في عام 2016. ويمثل مركز العمل المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي، وهو أحدث مؤسسة متخصصة منبثقة عن المنظمة، الذراع التنفيذي للمنظمة المكلف بتنفيذ مشاريعنا التعاونية في مجال العمل والتوظيف والحماية الاجتماعية. ومن المؤكد أن هذه المؤسسة الوليدة سوف تعالج تحديات البطالة والحماية الاجتماعية في دولنا الأعضاء. ومن هذا المنطلق اسمحوا لي بأن أغتنم هذه الفرصة لحث دولنا الأعضاء على التعجيل بتوقيع وتصديق النظام الأساسي لهذا المركز الذي سوف يتخذ من باكو مقراً له.
ومن المستجدات التي طرأت عقب انعقاد الدورة السابقة لمؤتمر وزراء العمل هو إعداد ثلاثة أطر قانونية لمواءمة المعايير والممارسات المتعلقة بقضايا العمل بين الدول الأعضاء في المنظمة وهي: مشروع اتفاقية منظمة التعاون الإسلامي بشأن ترتيبات تبادل الاعتراف في مجال القوى العاملة الماهرة؛ مشروع منظمة التعاون الإسلامي للاتفاق الثنائي الموصى به حول تبادل الأيدي العاملة؛ واستراتيجية منظمة التعاون الإسلامي الخاصة بسوق العمل.
ومن ثم فإن هذه الوثائق التي من شأنها أن تزيد من تعزيز الجهود الجماعية لبلداننا الأعضاء، لإعداد القوى العاملة لمواجهة تحديات العولمة وتحرير التجارة، معروضة عليكم للتكرم بدراستها.
كذلك، التزمت مؤسسات المنظمة المعنية بتنفيذ مجموعة مشاريع في مختلف دولنا الأعضاء وذلك في مجال تطوير المهارات وتوفير فرص العمل في إطار برامج المنظمة، وعلى وجه الذكر برنامج التعليم والتدريب المهني للدول الأعضاء في المنظمة؛ وبرنامج تطوير المهارات لتوظيف الشباب؛ وبرنامج التعليم المهني من أجل تقليص نسبة تفشي الفقر وبرنامج دعم توظيف الشباب وبرنامج التعليم من أجل التوظيف، وذلك من بين برامج أخرى.
ومن الأهمية أن نواصل العمل والتعاون من أجل توفير فرص عمل مناسبة للباحثين عنها نساءً ورجالاً، وتعزيز الحماية الاجتماعية في دول المنظمة، ولهذا الغرض، اسمحوا لي أن أضع أمام اجتماعكم القضايا التالية:
أولا: إن تفعيل البرنامج التنفيذي لإطار منظمة التعاون الإسلامي للتعاون بشأن العمل والتوظيف والحماية الاجتماعية الذي تضمّن بالتفصيل الأنشطة التي خطط لها منذ مؤتمرنا الأخير في عام 2015، ظل يراوح مكانه. كما أن برامجه الطموحة مثل إنشاء قاعدة بيانات العمال المهاجرين، وتأسيس مرصد منظمة التعاون الإسلامي للعمل والتدريب المهني، ووحدة معلومات سوق العمل، والحماية القانونية للموظفين وتشريعات سوق العمل، لم تنجز بالرغم من مختلف الالتزامات التي قدمتها الدول الراعية. وعليه فمن الضرورة بمكان أن نعجل بتنفيذ هذه البرامج والأنشطة المختلفة التي اشتمل عليها البرنامج التنفيذي إذ إنها تنطوي على آثار مهمة لنمو أسواق العمل وتطورها في بلدان المنظمة.
ثانيا: تحدد استراتيجية منظمة التعاون الإسلامي لسوق العمل، المعروضة عليكم في هذه الدورة مجموعة من الأهداف المشتركة لسياسات التوظيف. والهدف الأساسي منها هو توفير قدر أكبر وأفضل من فرص العمل عبر بلدان منظمة التعاون الإسلامي. وفي هذا الصدد تبرز أهمية قيام دولنا الأعضاء بتنفيذ الاستراتيجية المذكورة من خلال إضفاء الطابع المحلي عليها في السياسات الوطنية، وترجمتها إلى مشاريع تعاونية مشتركة تحظى بالأولوية.
ثالثا: هناك حاجة متزايدة في السنوات الأخيرة لتعزيز الحوار والتعاون بشأن الهجرة العالمية. آخذين في الاعتبار أن إطار المنظمة للتعاون بشأن العمل والتوظيف والحماية والاجتماعية، قد حدد الهجرة وعقود العمال الأجانب ضمن المجالات ذات الأولوية للتعاون بين الدول الأعضاء في المنظمة. ومما يميز دولنا أن بعضها تصدر القوى العاملة والأخرى تستقبلها، وهو ما يتطلب المواءمة بين سياسات البلدان المصدرة للعمالة والبلدان المستقبلة لها. وفي هذا الصدد، فإن من شأن مشروعي اتفاقيتي منظمة التعاون الإسلامي الخاصة بترتيبات تبادل الاعتراف بمجال الأيدي العاملة الماهرة وتبادل الأيدي العاملة، أن يسهلا تحقيق التعاون البيني في إطار المنظمة في هذا المجال. وكلي أمل في أن يعزز تعجيلكم ببحث هذين الاتفاقين التعاون المطلوب بين البلدان آنفة الذكر.
إن تطوير السياسات الخاصة بالتوظيف الملائم والحماية الاجتماعية، يعزز فرص العمل ويهيئ قدراً أكبر وأفضل من الوظائف، ويحسن سوق العمل ويعزز فرص إيجاد العمل والتكيف في القطاع الرسمي. وعليه فإن تعزيز التعاون في مجال تبادل التجارب وأفضل الممارسات المتعلقة بأطر العمل والحماية الاجتماعية سوف يسهم في تحقيق قدر أوسع من الفهم للتشريعات وطبيعة سوق العمل في الدول الأعضاء في المنظمة. وثمة حاجة لكي نعجل باتخاذ إجراءات لتنفيذ البرامج المشار إليها فيما يتصل بالحماية القانونية والاجتماعية للموظفين وتشريعات سوق العمل.
وفي ختام كلمتي، اسمحوا لي أن أجدد تأكيد منظمة التعاون الإسلامي التزامها بمواصلة العمل عن كثب مع أصحاب المعالي وزراء العمل، في جهودهم التي لا تعرف الكلل ولا الملل، لمواجهة تحدي البطالة في دولنا الأعضاء وتهيئة المناخ المواتي للعمل الكريم وفرص العمل المتكافئة للجميع. وأرجو لهذا المؤتمر النجاح في مداولاته وأشكر لكم كريم إصغائكم.
من جانبه أكد وزير العمل والتنمية الاجتماعية الدكتور علي بن ناصر الغفيص، إن المملكة من خلال رؤية المملكة 2030 تعمل على بناء اقتصاد مزدهر تتوافر فيه الفرص للجميع، عبر إنشاء منظومة تعليمية وتدريبية مرتبطة باحتياجات سوق العمل، كما تسعى إلى تطوير أدواتنا الاستثمارية لإطلاق إمكانات القطاعات الاقتصادية الواعدة وتنويع الاقتصاد وتوليد مزيد من فرص العمل للمواطنين.
وقال الغفيص في كلمته إيماناً منا بدور التنافسية في رفع جودة الخدمات والتنمية الاقتصادية، فإننا نركز جهودنا حالياً على تحسين بيئة الأعمال، بما يسهم في استقطاب أفضل الكفاءات والاستثمارات النوعية، مشيرا إن انعقاد الدورة الرابعة تحت شعار «وضع استراتيجية مشتركة من أجل تطوير القوى العاملة» يأتي متناغماً مع تحديات سوق العمل في بلدان المنظمة، ومنها خفض نسبة بطالة الشباب وزيادة إنتاجية القوة العاملة من خلال تطوير مهارات العاملين وإجادة وتوسيع استخدام التقنيات الحديثة.
ولفت الدكتور الغفيص رئيس الدورة الحالية، إلى أننا في هذه الدورة سوف نتدارس إستراتيجية منظمة التعاون الإسلامي بشأن سوق العمل، التي تحدد الأهداف الرئيسة للتعاون بين بلدان المنظمة ومجالات تركيزه؛ مثل تعزيز القدرة على العمل، وحماية سلامة العمال ورفاههم، وتعزيز إنتاجية العمل، والحد من البطالة، وغيرها من قضاياً في غاية الأهمية، وقد قامت الدول الأعضاء بتقديم ملاحظاتها وإسهاماتها في هذه الاستراتيجية التي تم أخذها في الاعتبار في الوثيقة الجديدة التي سننظر فيها في هذه الدورة.
وتابع: «كما سيتم في هذا المؤتمر دراسة موضوعات أخرى في غاية الأهمية في نطاق التعاون بين دول المنظمة، من ذلك دراسة وثيقتي مشروع اتفاقية التعاون الإسلامي بشأن ترتيبات الاعتراف المتبادل للأيدي العاملة الماهرة ومشروع مقترح من منظمة التعاون الإسلامي للاتفاقية الثنائية حول تبادل القوى العاملة، كما سندرس تقريرًا مرحليًا مقدماً من البنك الإسلامي للتنمية حول ما قام به البنك بشأن توسيع نطاق برنامج دعم تشغيل الشباب ليشمل جميع الدول الأعضاء، كما سنقوم بدراسة إستراتيجية تعزيز قدرة الدول الأعضاء في مجال خدمات التوظيف وتهيئة ظروف عمل لائقة، وسيتم تعيين أعضاء جدد في اللجنة التوجيهية للمؤتمر الإسلامي لوزراء العمل للسنتين المقبلتين»، مقدما الشكر للأعضاء السابقين على ما بذلوه من عمل وجهد.
بعد ذلك جرى مراسم توقيع النظام الأساسي لمركز العمل التابع لمنظمة التعاون الإسلامي الذي أقرته الدورة الرابعة والأربعين لمجلس وزراء الخارجية المنعقدة في طشقند باوزيكستان في أكتوبر 2016
كما بحث المؤتمر إستراتيجية منظمة التعاون الإسلامي بشأن سوق العمل، التي تحدد الأهداف الرئيسة ومجالات تركيز التعاون فيما بين الدول الأعضاء، مثل تعزيز القدرة على العمل، وحماية سلامة العمال ورفاهيتهم، وتعزيز إنتاجية العمل، والحد من البطالة.
إضافة إلى تقديم مشروع اتفاق منظمة التعاون الإسلامي بشأن إجراءات الاعتراف المتبادل بالقوى العاملة الماهرة، والاتفاق الثنائي الموصى به للمنظمة بشأن تبادل القوى العاملة. كما ناقشت الدورة الرابعة للمؤتمر الإسلامي لوزراء العمل تنفيذ برنامج دعم عمالة الشباب والأنشطة الأخرى ذات الصلة، والأنشطة المنفذة في إطار شبكة منظمة التعاون الإسلامي لسلامة وصحة العاملين وشبكة المنظمة لخدمات التوظيف العامة، إضافة إلى تعيين أعضاء اللجنة التوجيهية للمؤتمر الإسلامي لوزراء العمل لفترة العامين المقبلين.