الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
دعت خبيرة اقتصادية إلى ضرورة تفعيل دور الصناديق الوقفية في تمويل وتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وأنه لا بد من اتخاذ خطوات مهمة في هذا المجال لما له من أهمية خصوصاً في ظل التوجهات الإستراتيجية الحاليّة، كضرورة العمل على إنشاء وتعميم صناديق وقفية متخصصة لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة بواسطة تبرعات صغيرة (صكوك الوقف) والتي يمكن أن تخصص لإنشاء وقفيات تبعاً للأغراض التي يبتغياها الواقفون، وكذا التوسع في إصدار الصكوك الوقفية تمكيناً لذوي الدخل المحدود من إحياء سنة الوقف ونيل ثوابه بوقف ما يدخل تحت طاقتهم المالية ووضع الضوابط الشرعية لإصدار وتسويق وتداول واستثمار الصكوك الوقفية بما يزيد من ثقة الناس وإنفاق ريع كل صندوق في مجال البر الذي يختاره المشاركون فيه والتنسيق بين الصناديق الوقفية وفيما بينها وبين المؤسسات ذات الصلة وفيما بينها وبين أجهزة الدولة المعنية وأن يكون الوقف أحد المصادر الرئيسية لتمويل الجمعيات الخيرية وسائر المنظمات غير الحكومية والاستغناء به عن الدعم الخارجي الذي لا يتلاءم مع مقاصدها.
وشددت الخبيرة مستشار التنمية الاقتصادية وحوكمة الشركات الدكتورة نوف بنت عبدالعزيز الغامدي على أهمية إعداد وتنفيذ خطة إعلامية واسعة للتعريف والتوعية بأهمية الوقف بصفة عامة وأهمية هذه الصناديق المقترحة بصفة خاصة في تنمية وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، حيث إن تعبئة تبرعات صغيرة(صكوك الوقف) والتي يمكن أن تخصص لإنشاء وقفيات لتنمية وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة هدفاً يستحق تضافر الجهود الوطنية فى إطار تعبئة وتحقيق استخدام أفضل للموارد المحلية، ويتطلب ذلك سياسات فعالة لتسهيل هذه العملية، كما أن حجم الاستثمارات التي يمكن أن يحققها المجتمع يتوقف لدرجة كبيرة على عوامل تنظيمية لها أثرها البالغ والمهم في تكوين هذه المدخرات، ومن ثم في توفير الموارد التي تمول هذه الاستثمارات، وهذه العوامل التنظيمية لا تتصل بالجوانب الاقتصادية وحدها، ولكن تنصب على الجوانب الاجتماعية والسياسية في المجتمع، ومن أجل ذلك فإن نشر هذا الوعي ليس بالضرورة قضية اقتصادية وحسب، بل هو ضرورة اجتماعية وسياسية أيضاً تستهدف إعادة صياغة مفاهيم الأفراد واتجاهاتهم، إلا أن مشكلة خلق الوعي التوظيفي في هذه التبرعات يتطلب خطة قومية تقوم على أسس تربوية وإعلامية تغرس مفاهيم التكافل، وأهميته فى التنمية لدى الأجيال الناشئة. ويمكن أن تستند تلك الخطة الإعلامية إلى نشر الوعي بين أفراد المجتمع عامة والمقتدرين خاصة وتعريفهم بأن الوقف قربة إلى الله تعالى وأنه من الصدقة الجارية، وإظهار الدور الرائد الذي أسهم به الوقف في تطور وتقدم المجتمع الإسلامي، وتفعيل وسائل الإعلام المختلفة المرئي منها والمقروء والمسموع في هذا المجال، إصدار نشرات تعريفيه توضح المجالات التي من الممكن مساهمة الوقف فيها، وعقد اللقاءات والمؤتمرات بين فترة وأخرى، يتولى فيها علماء الفقه الإسلامي وعلماء التربية مناقشة هذا الموضوع وما يجد فيه، وبحث الوسائل والسبل التي تسهل عملية الاستفادة من الأموال الوقفية في مجال خلق فرص العمل بصفة عامة وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة بصفة خاصة، وضرورة التعريف بالمجالات التي من الممكن أن يسهم الوقف فيها في تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة سواءً كانت أوقاف لإنشاء مثل هذه المشاريع أما بتقديم المنشآت أو الأراضي الخاصة بها أو عمارتها أو تجهيزها وفرشها أو القيام بأوقاف على تقديم الأدوات أو المعدات اللازمة لممارسة نشاط صغير ما،توسيع مفهوم الوقف لدى عامة الناس لكي لا ينحصر في بعض الأوجه التقليدية وبيان ما قدمه الوقف قديماً وما يمكن أن يقدمه مستقبلاً في كافة مجالات الحياة الاجتماعية للمسلمين في أمور دينهم ودنياهم.
وأكدت الخبيرة الاقتصادية أهمية تطبيق الحوكمة في قطاع الاوقاف وفق معاييرمعينة، كضمان وجود أساس لإطار فعّال لحوكمة الشركات، وحفظ حقوق جميع المساهمين، ومراجعة دور أصحاب المصالح في أساليب ممارسة سلطات الإدارة بالشركة، والإفصاح والشفافية،ومسؤوليات مجلس الإدارة، ولابد من ضرورة التزام نظار الأوقاف بأعلى درجات الإفصاح وأن يتم الإبلاغ عن الأنشطة والبرامج والعمليات والأداء الاجتماعي والمالي بإصدار تقارير سنوية تشتمل على الحسابات الختامية المدققة للسنة المالية،حيث تكتسب الشفافية والمكاشفة أهميتها في تحقيق الحوكمة الفعّالة في مؤسسة الوقف في كونها أداة لتقييم أداء المؤسسة ومتولي شؤون الوقف، والعمل على استمرار وتنمية التأصيل للجوانب الفكرية لحوكمة مؤسسة الوقف وخاصة الأهداف والخصائص والمقومات والمحددات والمبادئ،علاوة على شموليتها واحتوائها على جميع المفردات النظرية والتطبيقية للحوكمة بصورة يمكن أن يطلق عليها «الإطار المتكامل لحوكمة مؤسسة الوقف». ولا نغفل ضرورة مراجعة النظار والعاملين في كل عام واخضاع هذه المراجعة لاعتبارات مختلفة كمدى الالتزام بشروط الواقف وتطوير الخطط الاجتماعية وخدمة المؤسسة والانتماء إليها، إضافة إلى تطوير أساليب إدارة الأصول وتطوير أساليب تعبئة الموارد المالية، والمشاركة في الندوات ومواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية والفتاوى الشرعية، والالتزام بأخلاقيات المهنة، وعملية تقييم الأداء تمكّن من ضمان الجودة وتصحيح المسار لتحقيق الرسالة وأهدافها، مما يتطلب تطبيق آليات الحوكمة نشر ثقافة الحوكمة في المجتمع ، وذلك من خلال وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني، فإذا ما أدرك المجتمع إن الحوكمة تمثّل له خط الدفاع الأول والحصن المنيع ضد أي فساد أو إفساد يحاول أن يسلب المجتمع ثرواته وأمواله ومكاسبه، فانه سوف يدعم تطبيقها وإرساء قواعدها والدفاع عنها، لذا لابد من استحداث مركز يعنى بقضايا حوكمة مؤسسة الوقف، ويتولى مهمة إعداد برامج إعلامية وتدريبية لترسيخ ثقافة الحوكمة في العمل الوقفي، ومن المهم التأكد من التزام المشاريع الوقفية بمبادئ الشفافية والإفصاح، كتحديد كل مشروع لأهدافه التي يسعى إلى تحقيقها -الإستراتيجية وقصيرة الأجل - والإفصاح عنها عبر الوسائل التي تمكن الجمهور من الاطلاع عليها، وان تقوم بنشر تقرير يتضمن مستوى تحقيق الأهداف الموضوعة لها، ونشر البيانات المالية بتقاريدورية، مطبوعة أو عن طريق النشر في مواقع الشبكة الإلكترونية، من الشفافية المطلوبة لتحقيق الحوكمة الرشيدة، وضرورة احتواء القوائم المالية وبيان المعاملات على معلومات موثوقة ومفيدة عن المؤسسة الوقفية وأدائها المالي والإداري.