سلمان بن محمد العُمري
يظل الطلاق قضية اجتماعية خطيرة، ومشكلة أسرية كبيرة لا ينبغي التهاون والتساهل فيها، وبالذات مع تزايدها عاماً بعد آخر؛ لما لها من آثار على الفرد والمجتمع.
المجتمع السعودي شهد زيادة لافتة للأنظار في عدد حالات الطلاق وفق الإحصائيات الأخيرة لوزارة العدل، حيث صدر في عام واحد (53675) صك طلاق من المحاكم، ومكتب سماحة المفتي نظر خلال عام (6163) فتوى طلاق بمعدل (125 -130) قضية أسبوعية بزيادة بلغت 846 قضية عن العام السابق، وهناك قضايا لم توثق وقضايا معلقة مما يؤكد أن حالات الطلاق قد تصل النسبة فيها إلى ما يقارب 40 - 45 % من عقود الزواج البالغة خلال العام (159386) عقد زواج عن طريق القضاء والمأذونين الشرعيين.
إن الطلاق سيبقى مشكلة في المجتمع ولايمكن القضاء عليه بتاتاً، ولكن يمكننا عند تظافر الجهود الرسمية والخيرية والأسر الحد من تزايده للقضاء عليه كظاهرة متنامية في المجتمع.
يبقى للطلاق أسبابه المتعددة، وظروفه المتنوعة، وأشار إليها الباحثون في دراساتهم وأبحاثهم، ودونها القضاة في سجلاتهم، وفي كل عام نشهد أسباب جديدة بحسب المتغيرات الحديثة في المجتمع، وثورة الاتصالات التي تقدم لنا كل جديد يصحبها سبب جديد لحدوث الطلاق حتى أن أحد القضاة لديه 60 حالة طلاق بسبب سناب شات.
في دراستي المعنونة: «ظاهرة الطلاق في المجتمع السعودي.. دراسة تشخيصية» كانت أكثر حالات الطلاق تقع في السنوات الأولى من الزواج، مما دفعني إلى عمل دراسة بحثية عنونتها: «قبل إعلان حالة النكد» أكدت فيها على ضرورة وجود دورات تثقيفية للمقبلين والمقبلات على الزواج، وقد تم تنفيذ هذا المقترح الذي قدمته وقدمه غيري من الباحثين والمصلحين الاجتماعيين ونفذته وزارة العمل والتنمية الاجتماعية عن طريق الجمعيات الخيرية، بل أن مجلس الوزراء الموقر قدم عشرة ملايين ريال سنوياً لتنفيذ هذا البرنامج لمن يرغب وليس إلزامياً.
ماليزيا قدمت تجربة رائدة جداً أسهمت في الحد من مشكلات الطلاق وذلك عندما فرضت الدورات الإلزامية للمقبلين على الزواج وكان لهذه التجربة نتائج إيجابية انخفضت النسبة من 38 % لحالات الطلاق لتصبح 8 % خلال خمس سنوات.
وهذا ما يؤكد على وجوب أهمية وضع برامج مجانية إلزامية للمقبلين والمقبلات على الزواج تتضمن دورات أسرية وتوعوية، ولا يعقد النكاح كما هو الفحص الطبي إلا بتقديم وثيقة دخول هذا البرنامج ومن تم يمنح الرخصة لعقد النكاح.