يوسف المحيميد
حين تحمل سرقة إبهام تمثال المحارب الصيني تيرا كوتا في متحف فرانكلين في فيلادلفيا، بعدًا سياسياً وثقافياً، فإن القضية برمتها، تفتح أبوابًا واسعة لحركة تنقل آثار الأمم القديمة، وحضارات الشعوب، إلى دول أخرى، تدخل أحيانًا في سطوة المستعمر وانتصاره، واستغلاله للشعوب المستعمَرة، وتشير إلى قضية كبيرة في سرقة الآثار، ليس على مستوى المواطن فحسب، وإنما على مستوى الدول، حيث تضرّرت منه الدول الأقل قوة، التي عانت طويلاً من عدم الاستقرار، وليس بالضرورة قبل عقود أو قرون، بل حتى قبل سنوات قليلة، كما حدث من سرقة آثار الحضارات القديمة في العراق أثناء الغزو الأمريكي، أو ما يحدث منذ سنوات في سوريا.
ورغم أن حكاية هذا الإبهام تحمل موقفًا طريفًا يتعلّق بأمريكي وقف بجوار التمثال لالتقاط صورة سيلفي، ويبدو أنه كان ممسكًا بإبهام التمثال، الذي انخلع فجأة وسقط على الأرض، فالتقطه الرجل وحمله معه إلى المنزل، ربما بحسن نية، أو خوفًا من التبليغ عن كسر إبهام تمثال تصل قيمته نحو 4.5 مليون دولار، دون أن يتوقّع أن ترسل الصين خبراء آثار، لإعادة الإبهام المسروق إلى يد المحارب الصيني العظيم، الذي يحرس قبر الأمبراطور!
على خلاف ذلك، قرأنا عن مواطنين اكتشفوا أو عثروا على آثار قديمة في مختلف مدن المملكة وقراها، وقاموا بتسليمها للجهة المختصة لدينا، وهي هيئة السياحة والتراث الوطني، وتم تكريمهم وقتها، مع أن هذا الدور الطبيعي والمنتظر لأي مواطن يحافظ على ممتلكات وطنه، خاصة فيما يتعلّق بالآثار، التي يجب أن يتم التعامل معها بحزم، سواء تجاه من يسرقها ويبيعها أو من يهربها خارج الحدود، بل أتمنى تشريع أنظمة ومحاكم دولية تتيح للدول المنهوبة محاكمة الجهات التي سرقت آثارها، واستعادتها بحكم القوانين والأنظمة والمواثيق الدولية.