خالد بن حمد المالك
هل كُتب على سوريا أن تكون وجهة للمجرمين والقتلة، وأن تُجرّب على أرضها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، وأن تكون مطمعاً للغزاة والطامعين، فكان هذا القتال الدامي، وكان التدخل من كل هذه الدول والأحزاب والمنظمات وحتى الأفراد كشركاء في هذه المحرقة التي يكتوي المواطن السوري من نيرانها.
**
ما علاقة روسيا بسوريا حتى تضع كل إمكاناتها العسكرية والدبلوماسية في خدمة هذا الصراع الدامي في سوريا، وكيف يغيب عن مجلس الأمن والأمم المتحدة والدول المحبة للسلام هذا التدخل الإيراني الفاشي لنشر الإرهاب والرعب وخلط الأوراق الأمنية بالمنطقة من خلال التدخل الإيراني في الحرب المشتعلة في سوريا، أما آن للعالم أن يصحو من سباته فيوقف استمرار مسلسل هذه الجرائم التي لم يشهد التاريخ الحديث مثيلاً لها.
**
من المستفيد من إطالة هذه الحرب، ومن كثرة اللاعبين فيها، وكيف للعقلاء أن يفهموا أسرار هذه اللعبة الخطرة، وما يكتنفها من غموض، وما سوف تسفر عنه من نهايات مأساوية قد لا نجد الدولة السورية بعدها إلا أرضاً محروقة، ومجزأة بين الطامعين بها، فيما سيكون مصير من سيبقى من أهلها حياً يرزق في مهب الريح، يتوسل الغرباء في لقمة عيشه وأمانه في أرضه من خطر سيظل يهددهم ويطاردهم.
**
هل هي أدوار قذرة يتقاسمها الكبار الأقوياء على حساب حقوق الصغار في سوريا، فهذه روسيا ومن لف لفيفها، وتلك أمريكا ومن سايرها في سياساتها يعبثون في سوريا، بينما يقتصر موقف الصغار في سوريا على الحذر - كل الحذر - من أن تصيبهم رصاصة الرحمة ولو بأي ثمن، حتى ولو كان ذلك على حساب حرياتهم في ديارهم، ومهما كانوا موعودين بمستقبل مظلم، كما هو واضح لشاهد عيان بما يجري في منطقتنا.
**
يؤسفنا أننا لم نتعلم في سوريا من الوضع الذي مرت به العراق ومصر وتونس، ولا نستفيد من مشاهد الحرب المجنونة في ليبيا، ونغفل الانتباه ونغض الطرف عن التدخل الإيراني الوقح في اليمن دعماً للحوثيين الذين هم في عين الاهتمام الروسي حيث تتم مغازلتهم بالدعم إذا ما استمروا في التمسك بخيار الانقلاب على الشرعية في اليمن الشقيق.
**
قد تطول الحرب في سوريا، إلى أن يشعر الغزاة بأنها لم تبق ولم تذر، فقد هاجر الطير، وذوو الزرع، ونفقت قطعان الماشية، ولم يعد النهر نهراً بعد أن جف، وكل مقومات الحياة التي كانت لم تعد قائمة، وربما لن تعود، فالمخطط أن تختفي سوريا باسمها ومساحتها وتاريخها من العالم، فالمؤامرة كبيرة، وتزداد وضوحاً وشراسة كلما أمعنا في تفاصيل الحرب الدائرة.
**
السوري الوحيد الذي يرضيه أن يقتل الشعب السوري، وأن تدمر البلاد، هو الرئيس الصوري بشار الأسد، فسوريا بحربها تدار من طهران وموسكو وأنقرة، وهو لا يزيد عن كونه واجهة لتمرير المؤامرة، وقتل الشعب، وإحراق الحرث والزرع، إلى أن ينتهي دوره المرسوم، فلا يحصل على أكثر من تأمين حياته - إن بقي على قيد الحياة - مع أسرته إما في روسيا أو إيران.
**
هكذا هو قدر سوريا في الحاضر والمستقبل، تاريخ أضاعه نظام بشار، ومن معه من الخونة السوريين، لنبكي معاً في ملك أضاعه هؤلاء، لكن التاريخ لن يرحم من فرّط بهذه الحقوق، والحساب معهم ربما تأجل ولكنه لن يموت ووراءه من يطالب به من الشرفاء السوريين والعرب.