د.عبدالعزيز الجار الله
قال لنا أهل المراصد والفلك، ومواقع المناخ العالمية، وهواة تتبع السحب أن الأيام الثلاثة ويقصدون بها: الجمعة والسبت والأحد -يوم أمس- ستشهد المنطقة الوسطى من السعودية تقلبات في الأجواء ترافقها سحب ثقال وأمطار غزيرة فوق المتوسط، لكن حتى الآن لم يأمر الله السحب والأمطار، والتاريخ المناخي (الطقس) والجغرافي القريب وأقصد القرن الأخير (100) سنة الماضية لم نشهد تتابعاً مطرياً في موسمه على المنطقة الوسطى خلال (20) سنة متتالية من الأمطار، لو تمت لأصبحت طبوغرافية الأرض أكثر إخضراراًَ والآبار قريبة الماء و(الموارد) لكن الله لطيف في عباده واستمررنا نعيش على الله ثم على مياه التحلية هبة الله لأرضنا مياه البحر الأحمر والخليج العربي المحلاة.
نحن في الجزيرة العربية وكل شعوب الأقليم الجافة وبحار الرمال نحتاج إلى المطر ليغسل قلوبنا وأنفسنا وأجسادنا وملابسنا بالقطرات الباردة التي تأتي في الموعد أو بلا موعد، نحتاج إلى ماء السماء ليعطر أجسادنا، دائماً مجتمعات الأرض العطشى تجد قلوبهم ومشاعرهم مثلهم عطشى، صلابة الأرض وخشونة ترابها تبقي مظاهر سطحها وإنسانها بنفس درجة الصلابة والجفاف، لذا حاجتنا للمطر ليكسر حاجز شُح المشاعر ويجعل الحوار ليناً، فالشوارع تحتاج المطر لأن السحابة الماطرة إذا لامست قاع المدينة والقرية والهجرة والحلة تغسل: الشوارع والأشجار والأرصفة وجدران البيوت والأسطح العارية ومداخل المدن وحنيات الأحياء السكنية. الأمطار تغسل البيوت وساكنيها وتنبت أزاهير الأرض ويرافقها ثقافة بيئية وأدبية لطالما أتكأ عليها الشعراء وأحبوا لحظاتها.
نحن بالرياض يعز علينا أن تمضى (عقارب) هذا الشتاء بلا مطر كما غادرتنا أيام الوسم في أشهر الخريف بلا مطر، وأيام المربعانية والشبط في شتاء هذا العام بلا مطر، نتوجه إلى الله العلي القدير أن يمطرنا ويغيثنا كما أسموه أجدادنا العرب بالغيث إذا طال غيابه ومساعدته وعونه لهم حين لم تكن عندهم محطات تحلية، ولا يملكون ثاقبات فولاذية تطحن وتثقب الصخور النارية لتصل إلى خزانات مياه الصخور القاعدية في الدرع العربي العنيد، أو بحار الطبقات الواسعة الحاملة للمياه في القطاعات الرسوبية العميقة والبعيدة.
اللهم رحمتك ومغفرتك وترحمنا برحمتك فنحن امتداد هذه الأمة التي عاشت على هذه الأرض رغم صحرائها وجفاف أغصان أشجارها وقد مرت بهم دورات جفاف وشح وجائحة تتفطر لها القلوب، وتكيفوا مع دورات الجفاف الكونية والدورات المطيرة والدورات القطبية الأشد برودة وأمطار.