«الجزيرة» - عبير الزهراني:
توقع مختصون أن تشهد الفترة المقبلة الإعلان عن برامج تمويل عقاري جديدة، تكون مساندة لبرنامج «القرض المدعوم»، موضحين أن هذا القرض أسهم في ظهور بوادر إيجابية لحل موضوع السكن بالمملكة، كما أشاع جواً من الأمل والتفاؤل بأن يمتلك غالبية المواطنين منازل خاصة لهم، معززين توقعاتهم بالمؤشرات الإيجابية لقيمة التمويلات العقارية السكنية الجديدة الممنوحة من البنوك والمصارف للأفراد في 2017.
وقال الدكتور عبدالله المغلوث عضو جمعية الاقتصاد لـ»الجزيرة» إن التمويل العقاري يعد من أهم المحفزات الداعمة للنشاط الاقتصادي برمته. مبينًا أن «حكومة المملكة، ومنذ عقود طويلة تقدم التمويل العقاري بعدة صور وأشكال، بما يتماشى مع الواقع الاقتصادي لكل مرحلة». وأضاف: رأينا الدولة في وقت سابق، تقدم التمويل العقاري الرسمي، في صورة منح أراضٍ بيضاء للمواطن، مع قرض مالي سخي، يساعده على البناء». وأضاف: «تطورت آلية التمويل العقاري بعد ذلك، واتخذت أشكالاً عدة، لكل شكل ظروفه ودوره، إلى أن وصلنا اليوم إلى آلية القرض المدعوم»، التي أرى أنها تتماشى مع الظروف العامة للمشهد الاقتصادي للمملكة، كما تلبي حاجة المواطنين في الحصول على سكن خاص».
وتابع المغلوث: «الدولة تدرك منذ وقت مبكر بأن السكن من الحاجات الضرورية التي دعت الشريعة الإسلامية إلى تأمينها، بجانب المأكل والملبس والأمن، فالأصل أن يكون للإنسان مسكنه الخاص، الذي يحفظه هو وأسرته، وقد يكون المسكن مملوكًا للإنسان، لكن نظرًا لعدم قدرة البعض على امتلاكه، فقد ظهر أسلوب التأجير، إما لوحدات سكنية منفصلة، أو شقق سكنية، ويختلف الإيجار بحسب الموقع والمساحة. وتلبية لاحتياجات الأفراد ممن ليس لديهم القدرة على شراء أو بناء وحدات سكنية، فقد ظهرت الشركات العقارية التي تقوم بإنشاء وحدات ثم بيعها أو تأجيرها على الأفراد». وقال: هذا المشهد في السوق العقاري تغير تمامًا، حيث تواصل المملكة اليوم دعمها للمواطن للحصول على مسكن من شركات التطوير العقاري، وتقدم له الدعم في صورة القرض المدعوم، الذي أراه أحد أهم محفزات زيادة نسبة التملك للمواطنين.
واستطرد المغلوث: ما يؤكد صحة هذا التوجه الموشرات إلإيجابية لقيمة التمويلات العقارية السكنية الجديدة new originations الممنوحة من البنوك والمصارف للأفراد في 2017م، حيث بلغت وفقًا لمؤسسة النقد نحو 19 مليار ريال وبنسبة ارتفاع بلغت 27% مقارنة بـ2016م وهي الأفضل من حيث التمويلات الجديدة منذ 2014م، وبلغ عدد العقود المبرمة في 2017م أكثر من 28 ألف عقد. وتركزت هذه التمويلات بنسبة 65% في الفلل السكنية و27% في الشقق السكنية و8% في تمويلات الأراضي السكنية.
وأضاف المغلوث: مما سبق، ندرك أن التمويل العقاري أمر مهم للغاية، ففي ظل عدم توفر التمويل، قد تفشل الكثير من الصفقات العقارية، وقد تتراجع الأسواق، لذلك نحن في حاجة إلى دعم النشاط العقاري في مختلف توجهاته، ولاسيما الصفقات العقارية (الشراء)، ومن واجبنا أيضًا دعم مساعدة الوسيط العقاري (المشتري) لمن هو بحاجة إلى تمويل مالي.
وشهد الربع الرابع من 2017م نموًا كبيرًا في حجم عدد العقود المبرمة، وكذلك في قيمة التمويلات مقارنة بالربع المماثل من 2016م. وبلغت عقود الربع الرابع من 2017م 8923 عقد سكني للأفراد بزيادة 145% مقارنة بالربع الرابع من 2016م. وبلغت قيمة التمويلات الجديدة السكنية للأفراد 5,8 مليار ريال بزيادة 128% مقارنة بالربع الرابع من 2016م.
الدعم العقاري
من جانبه، أكد الخبير العقاري خالد بارشيد أن التمويل العقاري، الذي تقدمه وزارة الإسكان، يتجاوز حدود الدعم الذي تقدمه للمواطن، إلى أبعد من ذلك، وقال لـ»الجزيرة»: الدعم العقاري الرسمي، تستفيد منه أيضًا شركات التطوير العقاري، التي تقوم ببناء منتجات الدعم السكني، حيث تحصل هذه الشركات على الأموال اللازمة من البنوك السعودية وشركات التمويل، لاستكمال مشاريعها، ويسفر عن هذا الدعم زيادة معروض المنتجات السكنية، مما يسهم في سد الفجوة بين العرض والطلب.
وأضاف: نتوقع أن تعزز وزارة الإسكان برامج التمويل العقاري، سواء للأفراد أو للشركات، خلال الفترة المقبلة، في الوقت نفسه، ستراعي الوزارة دعم محدودي الدخل، ومساعدتهم في تملك مساكن بأسعار في متناول القدرة الشرائية لهم، مشيراً إلى أن «الوزارة تدرس واقع السوق بشكل جيد، ولديها إحصاءات دقيقة عن حقيقة القطاع، وبناء على ذلك، تضع برامجها ومشاريعها المستقبلية»، مبينًا أن من أهم هذه البرامج، هو التمويل العقاري الحكومي، الذي يتأقلم ويتماشى مع الواقع الاقتصادي للمملكة، ومع المشهد العام في القطاع العقاري. وتابع بارشيد: «الشركات العقارية بحاجة إلى عمليات التمويل، لإنشاء مزيد من الوحدات السكنية، وتنظر هذه الشركات إلى التمويل بأنه يمثل عنق الزجاجة لعمليات الاستثمار العقاري، وتوفير السيولة النقدية للتنمية العقارية في المجتمع».