د. خيرية السقاف
درج الناس إن أشكل على الصغير أمر قالوا له: سل الأكبر منك فإنه حكيمك..
فكبيرك حكيم متى سار فأتبعه, فإنه يدرك الحسن في الأمور, ويجتنب سيِّئها,
ومتى اجتنبها فوافقه فإنه خبير بمواطن ضررها,
وإن امتنع عنها فامتنع عنها لأنه يدرك كمائنها, وأنت لا تدركها..
ذلك لأنهم يعتقدون بأن الخبرة تُكتسب مع الوقت..
فالوقت مدرسة الخبرة فيهم,
محك الوعي بهم, منجم الرأي السديد لهم..
لكن, هل كل الناس يدخلون درسة الوقت فيكتسبون هذا؟!..
هل كل كبير في حياة ناشئ, في طريقه, أو بيته, أو مدرسته, أو جيرته, أو صحبته حكيم
إن أشكل عليه أمر دلّه, وإن ضرَّه أمر منعه,
وإن بلغ حسَنه أيَّـده, وآزره؟!..
ثم قبلا, هل كل من عبر به الزمن ترك فيه من جعبته زادا,
ومن خبرته عتادا, ومن حكمته سماته؟!..
الزمن في الإنسان نجار يقطع, ينحت, ويصنع,
وهو مزارع يحرث, ويبذر, ويسقي, ويحصد,
وهو شمس يضيء, ويُبصِر, ويطهر,
وهو بئر, ودلو, وصوت, وبصمة..
إنه البوصلة, كما إنه العصا..
الوقت في المرء هو الغيث حيث خيره بركته,
وهو المطر حيث شرِّه إغراقه!!..