فهد بن جليد
لن أقول إنّنا تأخرنا في فرض ربط حزام الأمان على قائدي المركبات ومُحاسبتهم على عدم فعل ذلك بشكل صارم ومستمر من أجل سلامتهم ما كان نتيجته الكثير من الوفيات والإعاقات للحوادث التي وقعت سابقاً, أو أنّ المرور لم يكن حاسماً - فيما مضى - في مسألة منع استخدام الجوال أثناء القيادة رغم المخاطر الكبيرة والعظيمة والحوادث القاتلة الناتجة عن الانشغال بالهاتف أثناء القيادة, لننسى كل هذا الآن ونصفق ونرحب بالخطوة الكبيرة التي سيطلقها المرور خلال أيام (لرصد تلك المُخالفات آلياً) كأفضل الحلول العملية وأحدثها على مستوى العالم.
في المجتمعات الحديثة يبدو المال هو المُهذب الأقوى لسلوكيات معظم البشر في هذا العصر, فكلما كان هناك عقوبات مالية رادعة وحقيقية ضد المُخالفين, التزم الناس بكل شرائحهم بالنظام أياً كان, وهذا واضح في الدول المُتقدِّمة حتى لناحية عدم رمي المُخلفات في الشارع, وعدم التدخين في الأماكن غير المسموح فيها ... إلخ, الفرق الوحيد بيننا وبينهم يكمن في التطبيق وآلية تفعيل هذه العقوبات الرادعة, أكثر المجتمعات تتساوى في مسألة وجود القوانين والأنظمة وتملك أنظمة مُتقاربة, ولكن مدى الالتزام يتباين تبعاً لآلية التطبيق وفعاليتها التي تختلف من بلد لآخر, وهو ما يجعلنا نرحب بالرصد الآلي لمُخالفات عدم ربط حزام الأمان, واستخدام الجوال أثناء القيادة, الذي سيبدأ خلال الأيام القليلة القادمة, كخطوة مهمة لناحية تصحيح المشهد المروري في شوارعنا, بكل تأكيد لن ينهي الرصد الآلي الجديد كل هذه المظاهر نهائياً ويخفيها, ولكنَّه على الأقل سيحد منها بشكل كبير وملحوظ وهو ما سينعكس على سلامة مُستخدمي الطريق في نهاية المطاف, تماماً مثلما فعل ساهر في الحد من مخاطر السرعة وقطع الإشارة والتخفيف من آثارها, ولكن الأهم دائماً هو التلويح مع المُخالفة المالية بإمكانية اللجوء إلى عقوبة (التوقيف) والتي حددها المُتحدث الرسمي للمرور مشكوراً بـ(24 ساعة) في حال تكرار المُخالفات الخطرة في سجل السائق .
مع امتلاك المرور لهذه الآلية الجديدة, أراهن الآن على نجاح خطط التوعية وأهميتها وأثرها, لخلق ثقافة صحيحة عند مُستخدمي الطريق, لو تم إطلاقها بالتوازي وبالاستعانة بما خلفته الحوادث المرورية من خسائر وأضرار, والأهم دوماً أن يكون رجل المرور في الميدان هو القدوة بربط الحزام, والامتناع عن استخدام الجوال أثناء القيادة, وإلا لا معنى لكل ما سبق, مع توقعي أنَّ الرصد الآلي يشمل جميع المركبات مثلما هو الأمر مع كاميرات ساهر.
وعلى دروب الخير نلتقي.