علي الصحن
أحدث قرار إدارة الهلال بإلغاء عقد مدرب الفريق رامون دياز وجهازه الفني ردود فعل متباينة بين الهلاليين، ما بين مؤيد للقرار ورافض له ومتحفظ على توقيت صدوره.
الحقيقة أن دياز قدم الكثير من العمل في الفريق، ونجح في قيادته للفوز بلقبي كأس الملك والدوري للموسم الماضي، وبلوغ النهائي الآسيوي، والحقيقة أيضاً أن وتيرة العمل الفني، ومستويات الفريق قد تراجعت بعد خسارة اللقب القاري، وأن دياز قد تغير كثيراً، وأنه أسرف في تقديم الوعود بعد كل تعثر، لكن أياً منها لم يبصر النور، فخرج الهلال من كأس الملك، وباتت حظوظه صعبة في تجاوز دور المجموعات الآسيوي، وأمامه تحدٍّ صعب كان يمكن كسره مبكراً لتكرار فوزه بكأس الدوري.
من باب الإنصاف، فإن فريق الهلال قد واجه ظروفاً صعبة هذا الموسم، خسارة لاعبين بقيمة ادواردو وخربين والعابد وسالم، فضلاً عن الغياب المتقطع لآخرين، من شأنها أن تهز أي فريق، لكن دياز أيضاً يتحمل مسؤولية عدم الاستعداد لأي طارئ، ويتحمل مسؤولية خياراته الفنية، إن على مستوى اللاعبين أو على مستوى المساعدين.
لم تتوقف الإدارة الهلالية عند نجاحات الموسم الماضي، بل عقدت عدداً من الصفقات في فترة الاستعداد للموسم الجديد، وكلها أو جلها كانت تحت نظر دياز وموافقته، وبالذات صفقة ( ماتياس ) التي لن تبرح الذاكرة الهلالية زمناً طويلا، ومن المؤكد أيضاً أنها أخذت رأيه في مسألة تجديد عقود لاعبين يختلف عليهم المدرج الأزرق، لذا فإنه غير معذور فيما يحدث، وليس بمعذور حينما يذهب إلى الظروف ليبرر بها تراجع مستويات الفريق وسوء نتائجه.
أي متابع لفريق الهلال يدرك وجود قصور في عمل المدرب.. مجاملة بعض الأسماء والإصرار على مشاركتها رغم أنها لا تضيف أي شيء، عدم الاستفادة من الكرات الثابتة طوال الموسم وعدم وجود لاعب متخصص بتنفيذها، الإصرار على طريقة واحدة عشوائية في لعب الكرات الزاوية، عدم وضوح شخصية الفريق الفنية داخل الملعب، إجراء تغييرات مفاجئة على التشكيل وقبل مباريات هامة وإراحة لاعبين مهمين بلا مبرر، عدم القدرة على التدخل السليم أثناء المباريات، عدم إجراء التبديلات المناسبة وفي الأوقات المناسبة، ومن يتذكر تدخلاته وتبديلاته في النهائي الآسيوي يعرف فشله في التصرف في الوقت المناسب.
دياز مدرب كبير له اسمه وقيمته في عالم التدريب، والهلال أيضاً فريق كبير وله اسمه وقيمته في عالم كرة القدم محلياً وقارياً، وفي السابق كان الهلاليون يقولون إن فريقهم يصنع المدربين، لذا فمن المؤكد أنه قادر على تعويض دياز بأفضل منه.. رحل مدربون كبار عن الفريق رحل زاجالو ومانيلي وكندينو وبلاتشي ولازاروني ويوردانسكو وجيريتس وبقي الهلال في القمة لم تعب عته شمس البطولات.
هناك مدربون أصحاب نفس قصير، يقدمون كل ما لديهم في موسم واحد ثم يخفت حماسهم، ويتسرب إليهم الملل، وتبدأ وتيرة عملهم بالتراجع، خاصة في حال تحقيق نجاحات سريعة تقلل من حجم الطموح في المستقبل، ولن أقول إن دياز من هذه العينة، لكن الحالة تنطبق على ما قدمه من عمل هذا الموسم.
هناك مدربون لا يؤمنون بالرأي الآخر، ولا يقبلون مشورة أحد - أتحدث عن الرأي والمشورة لا عن التدخل في العمل - إلا المقربين منهم، ومثل هؤلاء يحدث صدام داخلي بينهم وبين الدوائر المحيطة في الفريق، خاصة في ظل ضغوط ومطالب التغيير التي تصب في آذانهم كل يوم.
رحيل دياز أمر متوقع، الخلاف فقط على التوقيت، أعتقد أن إدارة الهلال قد حاولت الصبر، لكنها قرأت حال الفريق، واستحقاقاته المقبلة الصعبة، ورأت أن كل دواعي الصبر قد نفدت وأن التغيير صار هو الخيار الوحيد، وأنها أيضاً لا تريد تكرار خطأ استمرار دونيس الذي لم يستلم ورقة إعفائه إلا بعد أن طارت الطيور بأرزاقها.