ياسر صالح البهيجان
توقّعت منظمة الصحة العالمية أن تصبح حوادث المرور السبب الرئيسي السابع للوفاة بحلول عام 2030، إذا لم تُتّخذ إجراءات مستدامة بشأنها، وأشارت إلى أن نحو 1.25 مليون شخص في العالم يلقون حتفهم سنوياً نتيجة لحوادث المرور، وكشفت عن أن البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل تشهد 90 % من الوفيات الناجمة عن الحوادث المرورية، على الرغم من أنها لا تحظى إلا بنحو 45 % من المركبات الموجودة على الأرض.
الدراسات في هذا الشأن تؤكد أن الشباب من الذكور الذين تقل أعمالهم عن 25 عامًا يمثلون ثلاثة أرباع الوفيات على الطرق بنسبة (73 %)، والإحصائيّات في مجتمعنا تكاد تكون مقاربة لتلك النسبة في ظل تهوّر تلك الفئة العمريّة في قيادة المركبات وتدني مستوى التزامها بالتعليمات المرورية وعدم اتخاذها تدابير الوقاية الكافية لتفادي المضاعفات الناتجة عن الحوادث.
من الناحية الإنشائيّة ثمة جهود ملموسة لما تبذله وزارة النقل من أعمال تنفيذ وتحسين لجودة الطرق السريعة، ولكن الأزمة لا تكمن في أهليّة الطرقات فحسب، وإنما تشترك معها جوانب التوعية والتثقيف واستهداف فئة الشباب تحديدًا بإنتاج رسائل توعويّة تتناسب مع طريقة تفكيرهم في ظل التطورات التكنولوجية الراهنة، والحقّ أننا لا نزال في مرحلة قصور واضحة في الشأن التوعوي، ولم تعد لوحة «أبناؤك في انتظارك» المعلقة على عدد من الطرق الرئيسية كافية لإحداث أثر لدى الجيل الرقمي، ما يتطلب تحرّي الدقّة وتتبّع أماكن تواجدهم في منصّات التواصل الاجتماعي وبث المضامين باستخدام آليّات المونتاج الحديثة ليستشعر شبابنا خطورة الموقف، ويدركوا بأن حياتهم محفوفة بالمخاطر ما لم يلتزموا بالإرشادات المرورية.
ماذا عن الزيارات المدرسيّة للجهات المسؤولة عن التوعية المرورية، تبدو في الآونة الأخيرة متراجعة كثيرًا ولا تنسجم تحركاتها مع حجم التحديات القائمة، ولن أطالب بإنشاء منهج تعليمي لهذه الأزمة، ولكن على أقل تقدير يجري تنظيم فعاليّات مستمرة داخل المؤسسات التعليمية ويستعان بمن كانت لهم تجارب قاسية في هذا الصعيد، ليحكوا تجاربهم الحيّة وينقلوا خبراتهم للأجيال الجديدة لكيلا تتكرر المأساة.
التقنيات الحديثة وفّرت وسائل متعددة تتيح إمكانية إحداث أثر توعوي بالغ لدى شريحة الشباب، وفرض العقوبات على المخالفين ليس هو السبيل الوحيد لمنع المخالفات المرورية رغم أهميته، وما نطمح إليه ليس إنتاج جيل لا يخالف الإرشادات خشية العقوبة فحسب، وإنما جيل يحمل الوعي الكافي والإدراك التام لخطورة تجاوز الأنظمة، ويؤمن بأن الالتزام بها سلوك حضاري.