د. خيرية السقاف
كثير من الناس تتأهب منكرة, أو رافضة للتغيير,
في الوقت الذي تتصدى له بهجة, وعونا فئات كثيرة من آخرين..
الفئة الأولى إما يجهلون الواقع الذي يحتاج لنفض التراكمات, وإزالة العوالق من الشائبات, أو إنهم يعطلون مداركهم فلا يفكرون في ضرورة, ولا يتفكرون في حاجة, أو هم ممن مستهم ريح التغيير فحركت بعضا من مقتنياتهم, واقتلعت شيئا من جذورها, وإما هم ممن ركنوا للدعة, واستباحوا ما ليس لهم..
فالذين تفاعلوا مع التغيير في حقيقته الواجبة, وكينونته الفارضة, الذين ابتهجوا بالتطهير, واتفقوا مع التجديد, وأخذوا في ترسية قواعد منطلقات منصاته, ومضوا نحو محطاته, يشحذون قوادم جياده, ويمكنون سبله, ويفسحون لمسارات مائه, فإنهم الذين يعلمون أن لا تمام لأمر إلا بعزيمة الكل, ولا حصاد لنبت إلا بعناية زرَّاع الحقل كلهم..
هؤلاء من ضمن أدوارهم توعية تلك الفئات الأخرى المختلفة عنهم, بدءا باحتواء الصغار الذين يجهلون, وبكبح جهالة السادرين في مفاهيمهم, أو معلوماتهم غير الصحيحة, وببسط المقارنات الكاشفة لمن لا يعي تلك الضرورة, ولا يدرك مساس الحاجة للنقلة من واقع سادر في الرَّفَه غير المنتج, إلى واقع آخر يتقد بالبذل, والعطاء, والإنتاج..
إن الحياة على الأرض ما جعلت, وأتيحت للبشر إلا ليعملوا..
وحين يعمل المرء يتذوق لذة لقمته التي طبخها بعرقه بعد أن جلبها بجهده..
ويرتوي من نبعه الذي شقه بساعده, بعد أن ملأه بنزاهته, وحلاّه بأحقيته..
فلا عمار للحياة, ولا رغد للعيش, ولا سلام للذوات, ولا أمان للكل دون أن يغير المجتمع بوصلته المثلومة, باستبدالها بسليمة متجهة به نحو العمل, والاستثمار, العمل والإنجاز, العمل وعدم الاتكال, العمل والمعرفة, العمل والتقنية, العمل والبناء, العمل والتصنيع, العمل والزرع, فالعمل والحصاد..
تلك التوعية والاحتواء ليكون التغيير للأفضل الأبعد غاية, والأوسع طموحا سمة كل الفئات, وجميع الأفراد, بوعي, وإدراك, وقبول, وتفاعل,..
فكل نهج جديد لا يرتاده باطمئنان إلا ذو معرفة به, وفهم لتفاصيله, وإدراك بمآلاته..
إنه دور الكتَّاب, والإعلاميين, والآباء, وقادة العمل, وموجهي الرأي, ومربي الأجيال.
وكل واع مدرك, متحمس للانتقال من حال الدعة واللا مبالاة, إلى واقع تفاعلي عامل, ومنتج.