عبد الاله بن سعود السعدون
للدبلوماسية الشعبية دورها القوي والمؤثّر في تصفية الأجواء الغائمة بين دول أمتنا العربية والتي غطت وللأسف كل سمائها من محيطنا إلى خليجنا بتأثير التدخل والتحريض الإقليمي والوجود الدولي على أرضنا العربية وتبنيهما. فتنة فرّق تسد وتنفيذ مشاريع استعمارية طامعة داعيةً للحروب الأهلية وسفك الدم العربي من أجل تقسيم وحدة الأرض العربية.
والتحرك السعودي المستمر والمؤثّر في أمثل أشكاله في وقت واحد بوفد مهم يمثّّل الثقافة والإعلام السعودي رسول للدبلوماسية الشعبية السعودية للتواصل مع أنظارهم من الأشقاء العراقيين. إن المبادرة المباركة لهيئة الصحفيين السعوديين إلى عاصمة الرشيد بغداد بدعوة كريمة من زملائهم في نقابة الصحفيين العراقيين وجاءت هذه الخطوة الشعبية الدبلوماسية بنتائج باهرة ووحدت النفوس نحو التعاون والتضامن ومدت جسوراًً قوية وحديثة من العلاقات الصادقة بين ممثلي الثقافة والإعلام في الشعبين الشقيقين السعودي والعراقي ولا بد أن يولد هذا التقارب والاتفاق المخلص عربياً حالة عدم رضا عند الجهات الطائفية الحاقدة وأفرز سماً رئيس اتحاد الإذاعات التلفزيونات الإسلامية حميد الحسيني الممثل للقنوات الفضائية الممولة من النظام الإيراني حين قال (لا أتشرّف بلقاء الوفد السعودي) إن هذا الاتجاه الطائفي الحاقد على أي تقارب عربي مع الشعب العراقي وجاء الرد قوياً وصادقاً من الأستاذ ناظم الربيعي المتحدث الرسمي لنقابة الصحفيين العراقيين بقوله إن الإخوة الأشقاء أعضاء الوفد السعودي ضيوف الشعب والحكومة العراقية وليس في أجندة استقبالاته زيارة لمثل هذه المنظمات الخارجية ورأي الحسيني يخصه وحده وأننا سعداء بوجود الإخوة السعوديين بيننا وسنقدّم دعوات مماثلة لوفود عربية من الأردن والكويت وسوريا والجارة تركيا لزيارة بغداد، أما الآخرون فليس لهم تأثير على نقابة الصحفيين وليسوا أعضاء فيها. ومن ثمرة هذه الزيارة المباركة توقيع اتفاقية التعاون المشترك تتضمن تطوير وتعزيز العلاقة بين الصحافة السعودية والعراقية واستثمار الخبرات والكفاءات المتوفرة بين البلدين الشقيقين، ووقّع الاتفاقية من الجانب السعودي رئيس الوفد الأستاذ خالد بن حمد المالك رئيس مجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين ومن الجانب العراقي الأستاذ مؤيد اللامي نقيب الصحفيين العراقيين وكان حفلاً مهيباً حضره العديد من الشخصيات الرسمية والإعلامية العراقية وبحضور السفير السعودي في بغداد الأستاذ عبدالعزيز الشمري وبرهنت برقية الشكر الذي أرسلها رئيس الوفد الإعلامي السعودي الأستاذ المالك لزميله اللامي على قوة النتائج المهنية والشعبية لهذه الخطوة الناجحة في مفهوم الدبلوماسية الشعبية والشكر والامتنان للحفاوة الفائقة وكرم الضيافة التي حظي بها الوفد الإعلامي السعودي في بغداد السلام والدعوة لزيارة وفد إعلامية عراقية لرياض العروبة والإسلام.
وكما يعلم الكثيرون من ذوي الاختصاص بالعلاقات الدولية والاجتماع السياسي أهمية التبادل الرياضي في توثيق العلاقات الثنائية بين البلدين وقوة سبل التواصل الشعبي بين الدول وتمثّل أحد خيوط نسيج التفاهم الاجتماعي بين المشاركين في مجالات اللعب الرياضية وجاءت بعثة المنتخب السعودي لكرة القدم في خطوة جريئة لكسر الحصار والمنع الرياضي الدولي على الملاعب الرياضية العراقية فقد سعدت مدينة البصرة العراقية بمباراة تاريخية في كرة القدم بين منتخب العراق وشقيقه السعودي بعد فراق دام لأكثر من تسعة وثلاثين عاماً.
تشكل الرياضة عنصراً مهماً كأداة تأثير في علاقات الشعوب ولها بعد مهم في سياسة الدبلوماسية الشعبية لتوثيق العلاقة الثنائية بالربط الاجتماعي والتواصل المثمر الذي يعطي نتائج إيجابية في تنمية مجالات التفاهم وإذابة جليد الخلافات بين شعوب الدول المختلفة باستمرارية النشاطات الرياضية المشتركة لتجاوز الخلافات ومحاولة ردم أي خلاف من خلال السلوك الرياضي العالي بين المشجع والرياضي. ومن أمثلة سمو الروح الرياضية وتأثيرها على توجيه نفسية الرياضي بين الشعوب ما قام به اللاعب المصري الأولمبي محمد رشوان بطل الجودو حين انسحابه عن منازلة منافسه الياباني ياماماتو والذي كان مصاباً قبل المباراة النهائية ولم يستغل البطل المصري إصابة خصمه وخسر الميدالية الذهبية لصالح الرياضي الياباني وبذا فاز بحب وتقدير شعب اليابان..
وشكلت مباراة المنتخب السعودي والعراقي حلقةً قوية في سلسلة العلاقات الشعبية العراقية السعودية المتينة وأبرزت الروح الحقيقية والمشاعر الطيبة التي تربط الشعبين الشقيقين وتؤكد عروبة الشعب العراقي الأصيل وانتماءه لبيته العربي وبرهنت الشعارات التي رفعت في كل مناطق البصرة الفيحاء بشعار المحبة (دارك يا الأخضر) وهلا مائة هلا بمملكة العز والعروبة السعودية في دار بلاد الرافدين.. وهذه الروح العالية في مستوى الترحيب تنعكس إيجاباً على تنمية العلاقات الثنائية بين الشعبين الشقيقين.
الأعلام السعودية والعراقية مرفوعة بيد مشتركة عراقية وسعودية والتشجيع لكل لعبة مميزة دون تمييز بين المنتخبين.. وكان فريق منتخبنا السعودي كريماً تعدى الكرم الطائي بمنح الفريق العراقي أربعة أهداف حاسمة رفعت من مستوى الفرحة الشعبية العراقية. إنها خطوة مباركة كسرت جدار الحظر قرار «الفيفا» بحجب المباريات الدولية في الملاعب العراقية منذ خمسة وعشرين عاماً ويحظى الجهد السعودي برفع هذا الحظر عن الملاعب العراقية بالشكر والتقدير من كل أبناء الشعب العراقي.