مانشستر - بندر الرشودي:
استعرض الباحث السعودي عبدالمحسن بن صالح الرشودي «طالب دكتوراه في مجال التاريخ» في المملكة المتحدة العلاقات السعودية البريطانية منذ نشأتها على يد المؤسس الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه – حتى يومنا الحاضر وذلك بالتزامن مع الزيارة الرسمية الأولى لسمو ولي العهد المرتقبة للمملكة المتحدة يوم الأربعاء 19 / 6 / 1439هـ الموافق 7 / 3 / 2018م التي تحظى باهتمام الحكومة البريطانية ووسائل الإعلام البريطانية والعالمية على حد سواء.
وخص الباحث الرشودي «الجزيرة» في لقاء خاص تجول فيه صفحات التاريخ بين الوثائق النادرة والصور التاريخية وقصاصات الصحف البريطانية إبان تلك المناسبات المهمة التي جمعت البلدين منذ عام 1914م.
وقال الرشودي في مستهل حديثه عن جذور العلاقات السعودية البريطانية:
لم تكن بريطانيا بمنأى عن معرفة الدولتين السعوديتين الأولى والثانية حيث كان بينهما بعض العلاقات المحدودة، إلا أنه حينما يأتي الحديث عن الدولة السعودية الثالثة والحديثة فإن بريطانيا عرفت الملك عبدالعزيز بعد أن لمع نجمه في سماء الجزيرة العربية من خلال إنجازاته السياسية التي قام بها بعد دخول الرياض 1319هـ، وتوحيد نجد، ولذلك فإنه يمكن القول إن بريطانيا تعرفت على شخصية الملك عبدالعزيز رسمياً ولأول مرة من خلال التقرير الأول 1328 - 1910 الذي رفعه الكابتن شكسبير (1878 - 1915) الوكيل السياسي البريطاني في الكويت (1909 - 1914) والذي أبدى فيه إعجابه الشديد بالملك عبدالعزيز حينما قابله في الكويت ومن بعد ذلك توالت التقارير منه لحكومته حول شخصية وأهمية نجاحات الملك عبدالعزيز في سبيل توحيد المناطق التي خضعت له وبالتالي أصبح الملك عبدالعزيز علماً في سماء السياسة العالمية، ولذلك سارعت بريطانيا لتوقيع أول معاهدة صداقة مع الملك المؤسس رحمه الله والتي عرفت بمعاهدة دارين 1334 / 1915، والتي منها بدأت العلاقات السعودية البريطانية بشكل رسمي.
ومضى الرشودي بقوله: وإذا ما استعرضنا الزيارات الرسمية التي قامت بها الأسرة المالكة لبريطانيا فإنه يأتي في مقدمتها زيارة الأمير فيصل حينما أرسله الملك عبدالعزيز 1338هـ/ 1919، معبراً فيها عن توثيق العلاقات بين الطرفين.
وفي إطار زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله فإن الأمير سعود (الملك) أول ولي عهد سعودي يزور بريطانيا حيث قام بذلك في 1356هـ/1937م، حيث مثل والده في حفل تتويج ملك بريطانيا آنذاك، ومن ثم قام بزيارة أخرى إلى المملكة المتحدة بعد سنة تقريباً، حيث التقى بعدد من المسؤولين كما قام بزيارة عدد من المدن البريطانية والتي نتج عنها بحث عدد من القضايا السياسية المتعلقة بين البلدين.
وفي عام 1364 هـ و1367هـ، قام الأمير فيصل (الملك) رحمه الله بزيارة إلى لندن في تلك السنوات لتمثيل المملكة في بحث قضية فلسطين مع عدد من رؤساء العالم، وفي عام 1370هـ /1951م أرسل الملك عبدالعزيز ابنه الملك فيصل ليمثل المملكة في مؤتمر ترسيم الحدود البحرية بين المملكة والبحرين والكويت ولبحث قضية الحدود مع عمان (البريمي)، وفي عام 1387هـ/1967م وبعد أن تولى الملك فيصل الحكم بعدة سنوات قام بزيارة لعدد من دول العالم فكانت بريطانيا من أهم تلك الدول التي قام بزيارتها حيث أبرم عدة صفقات ومنها صفقة شراء طائرات حربية بريطانية، ومما يتضح أن تلك الزيارة كان لها أثر سياسي إيجابي على البلدين.
ومن جهة أخرى نرى أن هناك زيارات للملك فهد قبل توليه الحكم حيث قام رحمه الله بعدد من الزيارات التي كان لها أهداف وأبعاد سياسية تنطلق من قوة العلاقات السعودية البريطانية حيث حضر حفل تتويج الملكة إليزابيث في عام1373 - 1952، وفي عام 1390 - 1970 حضر الأمير فهد (الملك) وذلك حينما كان النائب الثاني، المحادثات المتعلقة بمستقبل الخليج حينما أعلنت بريطانيا الانسحاب من المنطقة، وبعد توليه الحكم قام بزيارة رسمية إلى بريطانيا في1405 - 1985. وفي عهد الملك فهد وفي 1421هـ قام الأمير سلمان (الملك) حفظه الله في زيارة إلى بريطانيا وذلك لبحث عدد من القضايا العربية حيث كانت تهدف لتعزيز الصداقة بين البلدين، وقد قام حفظه الله بزيارة أخرى حينما كان وزيراً للدفاع والطيران وذلك في 1433، حيث قام ببعض المحادثات المهمة والمتعمقة مع بعض المسؤولين البريطانيين.
وبعد تولي الملك عبدالله رحمه الله الحكم كان له عدد من الزيارات لدول العالم ومنها في 1428 - 2007 حيث قام رحمه الله بزيارة إلى بريطانيا والتي كانت تهدف إلى تعزيز العلاقات السعودية البريطانية وبحث عدد من القضايا المتبادلة بين البلدين. وفي خضم ذلك الاهتمام من حكومتنا الرشيدة وحرصها على التواصل والتبادل السياسي مع العالم من أجل الارتقاء بسياسة المملكة وتعزيزها بين دول العالم، يقوم سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بتمثيل خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز في زيارة إلى المملكة المتحدة والتي تعد وبإذن الله زيارة تاريخية من شأنها تعميق العلاقات وتوقيع العديد من الاتفاقيات على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والتبادل الثقافي والمعرفي بين البلدين الصديقين, داعيًا الله عز وجل أن تتوج زيارة سموه بالكثير من الجوانب الايجابية الدافعة لعجلة مسيرة التطوير التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين لمستقبل مشرق لوطننا المعطاء.