محمد المنيف
دون الولوج فيما يعنيه الفن للفن الذي قصد به الأدب وشمل بقية الفنون وما تبع هذه التسمية من نظريات وتأويلات وتحليلات تشعب فيه فلاسفة النظريات العلمية والإبداعية. أود اليوم الإشارة أو الحديث عن تحقيق الذات الإبداعية عند الفنان التي تشابه المقولة (الفن للفن) إذا قصد بها المنتج التشكيلي بمختلف فروع هذا الفن من رسم ونحت وتركيب أو توليف بما يسمى (الميديا أرت).. التي يستخدم فيها الفنان وسائط تجاوز بها بعض الغربيين حدود الواقع إلى خدش الذائقة.. وما أود التطرق له هو كيف يجمع الفنان بين متطلبات الذات التي تمتزج بالأنا عند تنفيذه العمل وبين إرضاء ذائقة المتلقي..
وكيف يمسك العصا بشكل متوازن يخدم الجانبين إذا علمنا أن الفنان كغيره من البشر يحتاج لمردود مادي يساعده على أن يستمر في حياته وإبداعه. فنحن نرى في كثير من المعارض أعمالا ليست متحفية وأعني بها التي لا تقبل الاقتناء عرضها وقتي ينتهي بنهاية المعرض وتوثق بالصور فقط، يدفع الفنان القائم على تنفيذها أو عرضها أو نقلها مبالغ أحيانا تفوق قدرته المادية لا لشيء إلا لإرضاء الذات وهذا حق له، إلا أنها لا تجد في غالب الأحيان ما يقابل تكاليفها، مقابل الجانب الآخر الأكثر قبولا وتقبلا واقتناء، كما أتابعه ويتابعه غيري من الفنانين أو عامة الناس ويجد الرغبة في الاقتناء كونه قريب من مفهوم المجتمع مهما قلت أو علت ذائقته كونها تعبر عن المكان والبيئة والتاريخ ويعيد فيه الفنان مواقف أو أماكن يرى فيها المقتني ما يستحق الاقتناء.
هذه الحال أوجدت مسارات عدة في الحراك التشكيلي العربي عامة والسعودي تحديدا، من أبرزها المسار الذي يهتم بالمقتني ويلامس علاقته بواقعه، إن كان ذلك بالأساليب المباشرة كالواقعية الكلاسيكية أو التي تجمع بين الحداثة دون إخلال بالرموز والعناصر في اللوحة أو قطعة النحت وهو المسار الأكثر إقبالا وأكثر اقتناء للأفراد أو المؤسسات مع ما يمكن من تطعيمها بالجديد، ويبقى المسار الآخر الذي يعتمد فيه الفنان على رغباته الذاتية دون أن يلقي اهتماما بالمتلقي أمرا مقبولا لا يتجاوز حدود الإعجاب به كمنتج وفكر معاصر.