سلمان بن محمد العُمري
تناقل بعض الإخوة رسالة تحمل في مضمونها رغبة مؤلف وباحث وأستاذ جامعي من المقيمين في المملكة بيع مكتبته الخاصة التي تضم آلاف الكتب والتي جمعها في عدة عقود منها ما يزيد على الثلاثين عاماً في بلادنا المباركة، وكان فيها الحصيلة الكبرى من جمع الكتب ووفرة التأليف إلى جانب تنقله في العمل الجماعي في التدريس في أكثر من كلية وفي عدد من المناطق، ولا أعلم دواعي بيع المكتبة أهو ضيق ذات اليد أم ضيق المكان ودواعي الانتقال أو لأمر آخر.
وفي جميع الأحوال وإن كانت الكتب عزيزة على أهلها لما لها من مكانة وما بذل في جمعها من وقت وجهد ومال إلا أن قرار صاحب المكتبة صائب للغاية بغض النظر عن المسببات والدواعي، ولقد سمعت واطلعت على آخرين تنازلوا في آخر حياتهم عن مكتباتهم لمؤسسات علمية، ولطلبة علم في داخل المملكة وخارجها، بل إن بعضهم تكفل بشحنها للخارج وأهداها لجامعات أو معاهد أو مؤسسات علمية للانتفاع بها حينما رأى أنه لم يعد بهمته ونشاطه للبحث والاطلاع، وحينما علم أن ليس لابنائه رغبة أو اهتمام بالكتب.
ولقد كتبت سابقاً عن ضياع الكثير من المكتبات الخاصة التي بذل أصحابها في اقتنائها مئات الآلاف من الريالات، وسافروا براً وبحراً وجواً لجمعها، وأمضوا سنيناً عديدة حتى وصلت إلى ما وصلت إليه، وأولوها عناية فائقة جمعاً وفهرسة وتجليداً وحفظها في أرفف غاية في الجمال والجودة.
وحينما توفي أصحاب المكتبات ضاعت هذه الكتب وأصبحت تباع بثمن بخس، وتكسب من ورائها بعض أصحاب المكتبات التي تبيع الكتب المستعملة، وسقت لكم قصة كتاب عثر عليه أحد المهتمين بالكتب ووجد عليه اسم صاحبه وتاريخ الاقتناء وهو كتاب قديم واشتراه بما يزيد على المائة ريال، وأخبر بعض أبناء المتوفى بما عثر عليه، وقالوا له: إن صاحب الكتب اشترى مكتبة والدهم «جملة» بريالين لكل كتاب فـ(واحسرتاه) على هذه الكتب بقيمتها المادية والمعنوية، وكيف تفقد، بل إن بعض المكتبات أكلتها «العثة» وهي في أرففها لم تتحرك ولم يتم فتحها منذ وفاة صاحبها.
فحسناً فعل هذا الرجل ببيع مكتبته والاستفادة من قيمتها في حياته بنفقة أو صدقة وبيعها أيضاً على من يقدر قيمتها، وإلى كل صاحب مكتبة خاصة أتمنى أن يوصي بها وقفاً وهبة على جماعة أو مؤسسة أو أفراد حتى يتم الانتقاع بها أو بيعها وهو على قيد الحياة حتى لا تعمل أو تباع بثمن بخس أو ترمى في مرامي النفايات، وخذوا العبرة من غيركم.