د. محمد عبدالله الخازم
أشيد بمبادرة عقد مؤتمر القوى العاملة الصحية بحضور وزراء ومسؤولين من قطاعات الصحة والتعليم والتوظيف. أبرز إيجابيات اللقاء كانت في الدراسة المتعلقة بواقع القوى العاملة في المجال الصحي، وقد بذلت جهداً كبيراً في الحصول على معلوماتها، في ظل تواضع قواعد المعلومات المتعلقة بالموضوع. لذلك ستكون توصيتي الأولى لهيئة التخصصات الصحية هي تأسيس مركز معلومات القوى العاملة الصحية، بحيث يتم تغذيته وتحديثه بشكل مستمر ونشر تقرير سنوي وإتاحته للباحثين والمعنيين بالتخطيط والسياسات الصحية والتعليمية والتوظيفية في المجال. بعض المعلومات قدمت بشكل افتراضات، ولكن مع الحصول على الأرقام الحقيقية كل عام سيتم تحويل الافتراضات إلى وقائع أو في أحسن الأحوال تحويلها إلى افتراضات أقرب للصدقية والواقعية. كما أن المعلومات قدمت بشكل عام وربما لو فحصت بشكل أدق لحصلنا على مزيد من التفاصيل المفيدة في كيفية توجيه برامج التدريب أو التعليم أو التأهيل أو التوظيف للقوى العاملة. مركز المعلومات المقترح لا يجب أن يكون محصوراً على ما نشر في هذه الدراسة بل كافة ما يتعلق بالقوى العاملة الصحية وتعليمها وتدريبها وتوظيفها في القطاعات الحكومية والأهلية وعلى مستوى كافة المناطق. غياب المعلومة وضعف تحليلها سبب في وصولنا لهذه المرحلة.
الإيجابية الثانية تمثلت في تشكل لجان من كل تخصص للوصول إلى توصيات ضمن ورش عمل عقدت قبل اللقاء الذي حضره أصحاب المعالي الوزراء، وبالتأكيد الهيئة اختارت من تراه مناسباً للمشاركة في تلك اللجان ونعتقد أنهم بذلوا جهوداً متميزة. لم يؤخذ بجميع التوصيات أو أهمل تدوين بعضها، كما أن بعض التوصيات تحمل التناقضات في طياتها، وهذا أمر طبيعي نتيجة لحجم الموضوع المطروح وتعدد الأفكار حوله. توصيتي هنا نحو إكمال وتجويد تلك التوصيات، اقترح البعث بها للجامعات والقطاعات الصحية المختلفة والجمعيات العلمية، كل وفق تخصصه وطرح مزيد من الدراسات والمرئيات حولها وكيف يمكن تطويرها إلى برامج عمل تتولاه كل جهة وما هي العقبات المطلوب تجاوزها..إلخ. أعلم أنه جهد كبير، ولكن لعلنا نأتي العام القادم بنسخة مطورة وقابلة للتطبيق من تلك التوصيات.
أغلب التوصيات كان واضحاً فيها الإحساس بوجود خلل في مسار تأهيل الكوادر البشرية، يدل على ذلك المطالبة بوضع معايير مخرجات أو المطالبة ببرامج تدريب وتعليم إضافية. السؤال هو عن دور الجامعات في هذه القضايا؟ وبالتالي فإن توصيتي الثالثة هي تكليف لجان تعليمية مستقلة أو الاستعانة بلجان الكليات (لجنة كليات الطب، لجنة كليات التمريض، لجنة كليات العلوم الطبية، إلخ) تناقش هذه الدراسة والتوصيات المقدمة في المؤتمر والخروج بآليات عملية تسهم بها في ردم الفجوات المشار إليها وأبرزها فجوة المستويات النوعية للمخرجات وهي بلاشك ملحوظة وأكدتها اختبارات هيئة التخصصات الصحية وصعوبة الالتحاق بالبرامج التدريبية العملية المحلية والأجنبية. يجب أن تبادر الجامعات بتطوير نوعية المخرجات والتطوير المقصود ليس زيادة برامج تعليم جديدة كبرامج الدراسات العليا، أو زيادة الأعداد، بل تطوير أساسيات التأهيل المهني الأول، الجامعي. لقد حذرت من هذا الأمر وطالبت بالتوقف عن التوسع العشوائي قبل أكثر من عشر سنوات، لكن الشكوى لله.