فهد بن جليد
القاعدة الإدارية تقول: إنَّ عدم تحديد موضوع الاجتماع يكون مقبولاً في الحالات التي قد يُعلن فيها الرئيس أمراً سرياً ومهماً كاستقالته، أو إفلاس الشركة، ولكن يجب عليه في كل الأحوال احترام المدعوين وتحديد مدة الاجتماع بهم، وكم من الوقت سيمُضون هنا حتى لو كان لإبلاغهم بانهيار الشركة فهذا جزء من حقهم الأصيل لترتيب جدول أعمالهم وارتباطاتهم اليومية, من حقك أن تسأل كم مرة تم فيها تحديد مدة الاجتماع بشكل واضح في منظمتك، وهل تم الالتزام به فعلاً؟
هناك مديرون مُصابون بداء الاجتماع المُزمن القاتل للإبداع، فهو يعتقد أنَّ الأمور لن تسير بنجاح إلا بعقد اجتماع, يتحدث فيه أكثر من غيره ليشرح بنفسه ماذا يريد, ويستمع لما تم إنجازه على شكل واجب لا يخلق فكرة ولا إبداعاً، فالمُدير يعتقد أنَّه ينشط الأفكار ويدعو لتبادل الخبرات والآراء والتشاور, والحقيقية التي لا يستطيع أحد قولها له، إنَّ كثرة الاجتماعات تفقد الأمر أهميته, وتُصيب بالممل والتبلد، فعلى المدير أن يسأل نفسه بعد كل اجتماع، هل كان عليَّ أن أحضر، وهل كان هناك مُبرر أصلاً ليجتمع هؤلاء الأشخاص ويتركون أعمالهم ومهامهم، بل الأهم هل يمكن أن يحضر الاجتماع القادم أشخاص آخرون مُختصون وأفضل منهم, أكثر الاجتماعات هدراً ودون فائدة تلك التي تتكرر فيها الوجوه التي تعود الرئيس على رؤيتها والحديث إليها كل مرة - هذا ليس مُبرراً للاجتماع بهم - بينما في المنظمة مُبدعون يمكن الاستعانة بهم وإخراجهم من الظل.
ثمانية في المائة على الأقل ممن يحضرون الاجتماعات - بشكل دوري - عادة ما يتصفحون بريدهم الإلكتروني أو مواقع التواصل الاجتماعي أثناء الاجتماع، وهو ما يدعو لتجنب الاجتماعات الروتينية التي لا قيمة لها، فهي هدر للمال والجهد والوقت, كما توصينا دراسة أجرتها شركة Shore Tel الأمريكية الشهيرة في ريادة الأعمال، عندما كشف 12 في المائة من العاملين في الشركات الأمريكية - التي نعتقد أنَّها نموذج يُحتذى به في العمل الإداري المُنظم والدقيق - بأنَّ الاجتماعات التي تعقد في شركاتهم عديمة الفائدة، فكيف يبدو الحال في اجتماعاتنا العربية؟
الرئيس الذي يحضر اجتماعين خرجا (بتوصيات سابقة مُكرَّرة) هو في الحقيقية خسر وقته وجهده بإعادة التفكير، وتكرار الحديث عن ذات الموضوعات دون حل وفائدة, وعليه إعادة التفكير في طريقة الاجتماع وتغيير الأشخاص فوراً, فقد خدعه مرؤوسوه بأن جروه إلى مشاكل الأمور التنفيذية بينما يفترض أنَّه يجتمع من أجل صنع القرار، فالمُتابعة وكيفية التنفيذ لا تحتاج إلى اجتماع بل إلى مهارة وإتقان وظيفي، وهو ما يتهرب منه الموظفون عادة ويُشغلون به الرئيس عند اجتماعه بهم.
وعلى دروب الخير نلتقي.