خالد بن حمد المالك
إذا أردت أن تتعرف على الجديد الذي جد في العلاقات السعودية البريطانية، فعليك أن تتبع الحراك الذي شهدته لندن بزيارة الأمير محمد بن سلمان لها، وأن تقرأ ما يكتب في الصحف اللندنية عنها، وتقترب من نبض الشارع حيث حديث الناس، والمسيرات التي تمجد العلاقات بين المملكتين، وصور الأمير مقرونة بعبارات الترحيب وهي تعرض في الواجهات والسيارات والميادين، وإذا أردت أكثر شاهد تغطيات محطات التلفزة، وتابع منصات التواصل الاجتماعي، وستجد أن زيارة الأمير تتصدر، وأن مباحثاته هي الأولى بين كثير من النشاطات السياسية هنا، وعليك أن تكون حاضراً في مواقع الفعاليات الثقافية والاستثمارية المصاحبة للزيارة، وأقترح ليكون موقفك من الزيارة ممتازاً وعن علم ومعرفة أن يكون منتدى القياديين التنفيذيين وما تحدثوا به جزءاً من اهتمامك المتوقع.
* *
الزيارة الأميرية بمجملها كانت حافلة بالنشاطات والفعاليات والاتفاقيات، وشهدت تحركاً أميرياً نشطاً، تمكن من كسب البريطانيين إلى جانب توجهاته، وإقناعهم بما يخطط له، وقد فاجأهم بأفكاره، وتمكن من الوصول إلى قواسم مشتركة معهم، وأنجز في ثلاثة أيام ما كان يحتاج إلى سنوات، وإلى عدد من الزيارات والجولات، فمن تغيير للصورة الذهنية النمطية عن المملكة إلى ما يشبه التغيير الشامل، اعتماداً على الإصلاحات الكبيرة في المملكة التي كان لها التأثير الكبير في احترام المملكة وتقدير قيادتها بأكثر مما كان، إلى التأكيد للشعب البريطاني على أن المملكة تحترم الديانات، وتتعامل معها وفق مبدأ التسامح، وفي هذا الإطار كان اجتماعه برئيس أسقف كانتربيري جاستن ويلبي، بمثابة تأكيد سموه على أهمية دور مختلف الأديان والثقافات في تعزيز التسامح ونبذ العنف والتطرف والإرهاب.
* *
وبخلاف لقاء ولي العهد بكل من وزير الخزانة ورؤساء كبرى الشركات البريطانية ضمن حرصه على زيادة وتيرة التعاون مع البريطانيين في المجالات الاقتصادية والتنموية، فقد التقى بعدد من أعضاء البرلمان البريطاني من مختلف الأحزاب، وكان الحديث عن فرص تطوير العلاقات بين بلدينا، وقد أكد وزير الثقافة والإعلام الدكتور عواد العواد في تعليقه على الزيارة بأنها تاريخية، وتجسد عمق العلاقات السعودية البريطانية، بينما كانت تعليقات الصحف البريطانية تتراوح بين الاهتمام بالاكتتاب في شركة أرامكو، وبين أن تنقل الزيارة العلاقات الثنائية من مجرد التركيز على المجالات التقليدية إلى استثمارها لدعم العلاقات التجارية، وتشجيع الإصلاحات الاجتماعية والثقافية داخل البلد المحافظ، فيما ذهبت صحف أخرى إلى القول إن هذه الزيارة لن تكون مجرد وقفة فقط لإنعاش العلاقات بين البلدين.
* *
من أهم الإيجابيات في الزيارة ما قاله القياديون السعوديون لنظرائهم في منتدى الرؤساء التنفيذيين، ربما يطول الحديث لو دخلنا في التفاصيل، لكن يكفي أن نقرأ باختصار لوزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد الفالح قوله: «الفرص كبيرة أمام الشركات البريطانية للإسهام في نمو قطاعات الطاقة المتجددة والتقنية المتقدمة والأدوية»، بينما قال وزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد القصبي: «إن رؤية المملكة 2030 تحمل مستقبل الحياة المعاصرة مع الحفاظ على التراث»، أما وزير الاقتصاد والتخطيط محمد التويجري فقد خاطب الحضور بالقول «إن رؤية المملكة 2030 ذات منظور إستراتيجي تتطلب من الشركات مراعاة مجالات الاستثمار كمدخل للشراكة»، وحين جاء دور الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان وكيلة هيئة الرياضة أكدت على «تهيئة البيئة المناسبة لنجاح النساء، وأن ذلك من أهم أولويات القيادة في الفترة المقبلة»، وفي مشاركة نائبة وزير العمل الدكتورة تماضر الرماح ركزت على أن «المرأة يمكنها العمل في جميع القطاعات»، وقالت المديرة التنفيذية لمسك ديما اليحيى «إن 64% من خريجي قطاع التقنية خلال العقد الماضي في المملكة هم من الإناث»، وقالت رانيا نشار الرئيس التنفيذي لمجموعة سامبا «إن 65% من خريجي الجامعات السعودية هم من النساء»، وأشارت الدكتورة بسمة البحيران رئيسة قطاع الصحة وعلوم الحياة في الهيئة العامة للاستثمار إلى أن «بيئة الاستثمار في المملكة تدعم نجاح المرأة».
* *
وهكذا رأينا ما ينبغي أن نعرفه عن أهمية الاستثمار في المملكة بقراءة ما قاله الرؤساء التنفيذيين من الجنسين، ومثل ذلك تحدث البريطانيون، وقالوا كلاماً جميلاً يضاف إلى ما تحدث به السعوديون، لنخلص من ذلك إلى القول إن هذا المنتدى كان أحد النجاحات الكبيرة التي حققتها زيارة الأمير محمد بن سلمان لبريطانيا.
يتبع