خالد بن حمد المالك
لم يكن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ليستقبل رسمياً في بريطانيا استقبال الملوك، وأن يكون له هذا الحضور اللافت شعبياً، وأن تتصدر صورته واسمه وأحاديثه واجتماعاته كل وسائل الإعلام، بما في ذلك وسائل الإعلام المعادية التي فشلت تماماً في أن تؤثِّر على الأكثرية الذين رحبوا بالزيارة من البريطانيين والعرب، أقول لم يكن ليحدث هذا لولا الشخصية التي يتمتع بها سموه، والرصيد الكبير من الإنجازات الإصلاحية التي مهدت الطريق لتفعيل توجه المملكة الحديث في تواصلها مع العالم، والشيء الآخر أن هذا الاستقبال اللندني -غير المعتاد- وبهذا الحجم -غير المألوف- من الاهتمام ومظاهر الترحيب إنما حدث لما تتمتع به المملكة من مكانة دينية واقتصادية وسياسية، ومن ذلك أن بريطانيا كانت تنتظر هذه الزيارة لأن لها مصلحة في الشراكة مع المملكة، وخلق فرص جديدة للتعاون مع دولة كبرى كالمملكة.
* *
يقول عمدة الحي المالي في لندن اللورد ماير تشارلز بومان إن بريطانيا بخروجها من الاتحاد الأوروبي تريد تأسيس مزيد من الشراكات مع المملكة، لما تمثّله من قوة اقتصادية، ولما تمتاز به بريطانيا من تنافسية مدعومة بالقانون والحماية. فيما أشار وزير التجارة الدولية البريطاني وليام فوكس إلى أهمية التنوّع في الاقتصاد، وضرورة التناغم والالتزام بين المملكتين والشراكة الاستثمارية عبر صناديق التمويل. أما وزيرة الدولة للتجارة وتشجيع الصادرات فقد دعت إلى النظر بشكل مهم جداً لرؤية المملكة 2030 من المنظور الاقتصادي والتجاري وتقوية العلاقات بين البلدين، كما شارك الممثِّل الخاص لبريطانيا في الحديث حول رؤية المملكة 2030 بقوله إنها أفعال وخطط لأعوام قادمة، ومثل هذه الآراء تظهر إلى أي مدى كان هذا الاستقبال الباذخ للأمير وسبب، حيث مكانة المملكة كدولة كبرى، ومكانة الأمير كشخصية بهرت البريطانيين بالإصلاحات التي تبناها مدعوماً من الملك سلمان بن عبدالعزيز.
* *
في الزيارة كانت المملكتان تخطوان نحو تجديد العلاقة التاريخية بين الرياض ولندن، وكأن ما جرى خلال الأيام الثلاثة التي قضاها ولي العهد في زيارته لبريطانيا، إنما خارطة طريق لعلاقات متميزة تتجاوز بكثير تلك العلاقات التي امتدت على مدى قرن من الزمان، وذلك بفضل الأفكار النيِّرة التي بهر بها البريطانيين، ولغة القوة والإقناع التي تحدث وخاطب بها الحكومة البريطانية وشعب بريطانيا العظيم، ولهذا عاد الأمير إلى الرياض بنجاحات كبيرة، حقق ما سعى إليه مع البريطانيين، باتفاقيات ومذكرات تفاهم في مختلف المجالات، ووصل معهم إلى الاتفاق على قرارات تعزِّز العلاقات بين البلدين، وتأخذ بها إلى مسارات جديدة، يستفيد منها شعبا المملكتين.
* *
ثماني عشرة اتفاقية اقتصادية تم توقيعها باختتام فعاليات منتدى الرؤساء التنفيذيين، غطت كل القطاعات، من ضمنها ما أبرمته شركة أرامكو السعودية العملاقة، فالأمير في بريطانيا أمام (فجر جديد لحليف قديم)، وكما قال سموه فالمملكة مفتاح النجاح الاقتصادي في المنطقة، وفي المقابل فإن آفاق المملكة المستقبلية الجديدة بوجود الأمير الشاب محمد بن سلمان لا تعرف أي حدود كما يقول بذلك كون كوغلين من صحيفة التليغراف البريطانية، أي أن زيارة الأمير الشاب أظهرت زحماً من الآراء والانطباعات الإيجابية عن المملكة دون أن تؤثّر عليها أبواق إيران وقطر المشبوهة.
.. يتبع