أمل بنت فهد
إن مهمة تربية طفل واحد، وبناء مستقبله، وحمايته، وتعليمه، في زمن الانفتاح الكامل على الآخر، والوصول به إلى بر الأمان، مهمة تجمع: الصعوبة، والتحمل، والصبر، فما بالك بملف التعليم الضخم، الثقيل، الصعب، المتشابك الذي يُسلم من يد وزير إلى وزير آخر، كتركة غامضة مليئة بالأسرار، والتحديات، والتعثر.
ولأننا جميعاً نمثل شراكة في إنقاذ التعليم أو تدهوره، فإن الخطوات التي نراها من معالي وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى، تستحق الاحترام والثناء، وتتطلب منا الصبر، ولا يزال ينتظره الكثير جداً من الترميم، والإصلاح (المالي والفكري)، وفك شفرة الغموض التي تغلف ملف التعليم، وتحيطه بالاستفهامات الكبيرة، ما بين أضخم ميزانية، والإنجازات البسيطة، أمامه علاج التصدعات القديمة والموغلة في التعليم، ورغبة واضحة في التطوير ومواكبة لغة العصر، وجمهور مختلف الفئات يطلب الحلول، ويشتكي، وقليل الصبر، رغم أن الإصلاح عادة لن يكون سريعاً قبل التخلص من العوالق التي تغذت سنين طويلة على التعليم.
ملف التعليم مكتظ بملفات عالقة، كملف المباني المستأجرة، وملف خريجي التربية الخاصة، وملف بند (105)، وملف بند الأجور، وملف المشاريع المتعثرة وووو إلخ وهي أكثر من حصرها، ويصعب تحديد الأهم منها، لأنها كلها مهمة، مع ملفات جديدة تنتظر دورها في الدخول إلى ملف التعليم، وأهمها التطوير، وخلال هذا التعقيد يحاول العيسى أن يجمع بينها، كان الله في عونه، وأمده بالمخلصين والحكماء.
استطاع التعليم خلال عامين فقط، تخفيض عدد المباني المستأجرة من (7122) مبنى إلى (5150) مبنى، وفي المقابل تم تشغيل (1257) مبنى نموذجيا، وهذا إنجاز لا يستهان به، يجمع ين التخلص والتجديد.
خطوات معاليه البارزة في التصحيح كثيرة ومتنوعة، آخرها مشروع إدراج كتاب (حياة في الإدارة) للدكتور غازي القصيبي -رحمه الله-، ضمن المهارات الإدارية لطلاب الثانوي، وهي خطوة تعني الكثير، لمن عرف الراحل وقرأ محتوى كتابه، وفرصة لدراسة سيرة قامة وطنية في مجال الإدارة، ستضع بصمتها على طلاب المرحلة الثانوية، وننتظر من معاليه خروجاً عن نص المناهج كهذا الخروج الذكي لبقية المراحل الدراسية.
ولا ننسى برنامج تواصل الذي حول وزارة التعليم وكافة إدارات المناطق والتعليم الجامعي، المتناثرة على أرض المملكة الشاسعة، حولها ببرنامج واحد إلى قرية تخدم المستفيد كائناً من كان، وفي أي مكان يمكنه أن يُخدم دون الحاجة إلى تكبد عناء السفر أو الحضور، وهي خطوة جديدة جملة وتفصيلاً على التعليم، وإن سارت إلى هدفها الذي رسمه العيسى، سيأتي يوم يتفرغ فيه التعليم للعمل دون مُراجع.
كل الدعوات والأمنيات لمعاليه ليحقق ما يصبو إليه، ويضع بصمته التي يستحقها في مسيرة التعليم في المملكة.