د.دلال بنت مخلد الحربي
تعد الترقية العلمية من أهم الأمور التي يسعى إليها أعضاء هيئة التدريس في الجامعات وهي من أهم المؤثرات في المسار التعليمي بما في ذلك مستقبل الأجيال القادمة. ومن خلال ملاحظتي الشخصية أشعر أن هذا الموضوع لا يعطى حقه من التدقيق والفحص في الجامعات، وأن ما يتم سوى إجراءات شكلية، فالتركيز على أمور من مثل ضرورة النشر خارج المملكة بحثاً عن العالمية هو إجراء في واقع الأمر غير مجد، بل هو في كثير من الأحيان يساعد على تمرير ترقيات قد لا تكون في مستوى علمي مميز.
ولمن يتتبع هذا الموضوع يجد أن جامعاتنا تقبل النشر في دوريات لجامعات تعد في الحد الأدنى في التصنيف العلمي، بعضها قد يقع في مستوى الألفين وما دون، في حين أن داخل المملكة أربع أوخمس جامعات هي ضمن الألف الأعلى على مستوى العالم وعلى رأسها جامعة الملك سعود وجامعة الملك عبدالعزيز، فهل وضع شرط النشر خارج المملكة يعني قبول دوريات تتبع جامعات في مستوي متدن أهم من النشر في دوريات معتبرة داخل المملكة؟
وفي حد علمي أن هذا الشرط تطبقه بعض الجامعات في الدراسات الإنسانية والاجتماعية مثل هذا الشرط يقبل من الباحثين في مجال العلوم والتقنية الذين يجدون منافذ في مجلات علمية عالمية، ويكتبون باللغة الإنجليزية، أو بلغة أخرى كالفرنسية أو غيرهما، ولكن أن يجبر باحث في الإنسانيات بأن ينشر خارج المملكة في دوريات ضعيفة لمجرد انها خارج المملكة ولتقبل أوراقه عند الترقية، فهنا تقع المشكلة.
هذه مسألة، أما المسألة الأخرى والتي أجدها مهمة في هذا المجال فهي تتركز على مدى قدرة الباحث الطالب للترقية على مزاولة البحث العلمي، وعن قدرته الواقعية في إجراء دراسات أو بحوث علمية، ومن ثم لا يمكن التعرف على هذه القدرات إلا عند المواجهة، وأقصد عندما يواجه عضو هيئة التدريس من قبل لجنة متخصصة تحاوره في دراساته للتعرف على أنه صاحب ما قدم، ونشر.
ما يجعلني أشير إلى أهمية هذه النقطة مايعرف الكثير من وجود أماكن أو أشخاص من ضعاف النفوس تخصصوا في كتابة الدراسات والبحوث للغير، وهذا أمر ينتشر في بلدان متقدمة، ومن ثم جاءت مسألة المواجهة والنقاش مع العضو المتقدم للتأكد من قدرته البحثية والعلمية.
في الختام:
فإن مسألة التدقيق في الترقيات العلمية اعتماداً على الأمور العلمية وليست الشكلية يَصب في صالح العملية التعليمية لأن هذا العضو المترقي سيتاح له المجال مستقبلاً الإشراف على رسائل علمية في مرحلتي الماجستير والدكتوراة فإن كان غير مؤهل علمياً، وتحصل على الترقية فإن انعكاس ذلك سيكون سلباً على أجيال قادمة تنخرط في العلمية التدريسية والبحثية.
إنها شبكة معقدة من الأمور لا يكفي الحديث عنها في عجالة كهذه.