عثمان أبوبكر مالي
عواصف كثيرة واجهت نادي الاتحاد في السنوات العشر الماضية؛ أدت إلى سقوط إداراته وفشلها، وعدم قدرتها على مواكبة رغبات جماهيره، وعدم نجاحها في تحقيق أهدافها وطموحاتها إلا بشكل جزئي ونسبي بسيط، لا يتناسب مع حجم وتطلعات رجال النادي العريق وجماهيره.
قضية (الفساد الإداري) تعد العاصفة الأكبر والأقوى التي (دهورت) النادي؛ لذلك لا يزال الاتحاديون (الشرفاء) ينتظرون بفارغ الصبر نتائج التحقيقات و(الإعلان الأخير والنهائي) من الهيئة العامة للرياضة بعد انتهاء التحقيقات، واسترداد (مسروقات) النادي، ومحاسبة بل معاقبة المتسببين جميعًا (وشركائهم) أيًّا كانوا.
بعد ملف الفساد، وقبله وأثناءه، هناك (عاصفة) أخرى مضرة جدًّا، تلاحق النادي منذ سنوات، وتسهم بشكل مباشر في وضعه وأحواله، يصنعها الاتحاديون بأنفسهم، ويشارك فيها أغلبهم بطريقة أو بأخرى.. تخرج مع وصول كل إدارة جديدة، وتكبر وتزداد، أو تصغر وتختفي، بحسب حالة الإدارة (خاصة الرئيس)، ووفق شخصيته وتوجهه وقوته وجرأته ومعرفته بدوره ومهامه.. والأهم من كل ذلك ثقته بنفسه وخطواته؛ وبالتالي قراراته، وقدرته على أخذها حسب مصلحة الفريق، ومن منظور تطلعاته، وأهدافه التي جاء لتحقيقها، ويؤمن بأنها في صالح النادي حاضرًا ومستقبلاً، وليس من سياق وتوجهات ومؤشرات العاصفة واتجاهاتها.
هذه العاصفة هي محاولة (الوصاية على الرئيس ومجلس الإدارة)، خاصة عندما يكون من الأسماء الجديدة، التي لم يسبق لها العمل في النادي أو مع إدارات سابقة.
الوصاية التي أقصدها هي السعي حثيثًا نحو (أخذ القرار من الرئيس)، أو العمل على دفع قرارات إدارته في الاتجاه الذي يراه ويريده (الأوصياء) حتى إذا كانت بعيدة عن رغبات الإدارة وخططها وبرامجها وأهدافها، وغير متوافقة مع سياسة الرئيس، ودون النظر إلى مصلحة النادي، أو قدراته وإمكانياته.
وعادة تخرج أو تزداد الوصاية مع وصول (انتخاب أو تكليف) إدارة جديدة، وهو ما نشاهده هذه الأيام مع قرب انتهاء فترة الإدارة الحالية (المكلفة)، والإعلان عن أن (نواف المقيرن) سيكون الرئيس الجديد القادم؛ إذ ظهر بوضوح مدى الاندفاع نحو نصب (شباك) الوصاية على (مراكب) الرئيس الجديد من قِبل كل فئات وأدوات وأطياف النادي، بدءًا من بعض الإعلاميين وبعض أعضاء الشرف واللاعبين النجوم القدامى، مرورًا ببعض بالجماهير (المغردين) وبعض الإداريين، وانتهاءً باللاعبين، وتحديدًا بعض لاعبي فريق كرة القدم الأول.. الكل يحاول ويرغب في سحب (المقيرن) إلى مواقعه وتوجهاته، حتى قبل أن يكشف عن مجلس إدارته، فضلاً عن أن تعرف أهدافه وتوجهاته وخططه وبرامجه.
لا أريد هنا أن أكون وصيًّا قبل أو أكثر من الأوصياء، ولكنها (نصيحة) للرجل القادم حبًّا ورغبة في خدمة الرياضة وناديه، أقول فيها: تجارب الفشل والنجاح في ناديك كثيرة، وطريق الفلاح هو ما ترسمه بنفسك، لا ما يقدمه لك (الأوصياء).. والمثل العربي يقول (السعيد من اتعظ بغيره).. وفقك الله.
كلام مشفر
* فرق بين (الرأي أو النقد) والوصاية؛ فمن يريد لك النجاح والاستمرارية هو مَن ينتقد وأنت (تصعد)، ويقدم الرأي لتزداد تفوقًا.. أما من يرون أن النقد لا يأتي أثناء العمل والتقدم فمفهومهم عن النقد قاصر وغير عملي، وهم أشبه بمن يراك تسير في طريق مليء بالألغام، ويرفض أن يحذرك أو ينصحك أحد، ويقول (دعوه يكمل حتى يصل)!!
* الرئيس الناجح هو من يستطيع أن يجمع كل من يهمه نجاحه حوله في مركب واحد بالتخطيط والحوار، ويغلق من خلال ذلك غريزة إنسانية هي (حب السيطرة)، وهي أهم دوافع الوصاية.
* لم يسبق في تاريخ الاتحاد أن وصل الفريق في أي دوري إلى المركز العاشر او ما يعادله (عندما يكون عدد الفرق أقل)، ولم يسبق في تاريخه أن لعب 12 مباراة على أرضه حتى (وهو في أسوأ حالاته) ولا يفوز إلا في مباراة واحدة، بل كان من المصعب إن لم يكن مستحيلاً أن يخسر الاتحاد مباراتين متتاليتين بغض النظر عمَّن يقابل؛ وذلك يعود غالبًا إلى (شخصية) لاعبيه، و(حصافة) مدربيه، وقوة جماهيره في المدرجات.
* من يرى أن المدرب الذي وصل معه الاتحاد إلى أسوأ مركز في تاريخه أفضل أو حتى من أفضل المدربين الذين (مروا) عليه إما أنه لا يعرف الاتحاد، أو أنه يريد (تزوير) التاريخ، أو أن له (مآرب أخرى)!!
* أين سيقف من أوصل الفريق إلى المركز العاشر مع المدربين الذين حققوا له البطولات (مثنى وثلاث ورباع)، أو الذين جلبوا له البطولات الإقليمية والقارية، ومَن حلّق معه الفريق في مونديال بطولة العالم للأندية؟! إذا لم تحترموا عقول الاتحاديين فاحترموا التاريخ الذي لا يكذب ولا يتجمل.