سمر المقرن
قبل خمسة أشهر وأنا في مدينة جدة، كنت أجلس في مقهى داخل الفندق الذي أسكن فيه، وتجلس إلى جانبي عائلة معها طفل يتراوح عمره بين الخمس والست سنوات، وكانوا يعطونه لينفث دخان «الشيشة» وحوله أفراد الأسرة يضحكون بما فيهم سيدة كبيرة أتوقع أنها الأم، هذا المشهد أثارني وشعرت بنرفزة وعصبية حادة وكنت أتمنى لو كان لدي القدرة أن أحمل هذه الشيشة بيدي وأكسرها. لكنني استخدمت أضعف الإيمان وذهبت إلى إدارة الفندق وطلبت مدير المقهى وأبلغته بما رأيت، فذهب إلى الأسرة وأبلغهم أنني اشتكيت وحذرهم من هذا التصرّف. الغريب أن ما حدث كان بمرأى من العاملين بالمقهى ولم يتحرّك أحد منهم ولم يستهجن لو لم أتقدم بالشكوى! كما أن هذه الأسرة التي -نكدت عليهم- بقوا يرمونني بالكلام ونظرات الاشمئزاز كوني أفسدت عليهم السهرة والضحك على الطفل الذي ينفخ دخان الشيشة!
ما أثارني لسرد هذا المشهد، هو ما رأيته من فيديو مؤلم لطفل يضع رجل السيجارة في فمه، ما أدى إلى تفاعل الرأي العام وصدور توجيه من معالي النائب العام الشيخ سعود بن عبدالله المعجب -مشكوراً- بالقبض عليه، وتم فعلاً. ما أردته من سرد القصة التي رأيتها، وربطها بقصة ذلك المشهد الموجع، هو أن التدخين بوجود الأطفال يجب أن يصنّف كجريمة توجب العقاب، فالسماح بدخولهم إلى مقاهي أو مطاعم يُسمح فيها بالتدخين يجب أن يتوقف تماماً، لأن القانون من المفترض أن يكون أكثر وعياً من بعض الأهالي الذين لا يملكون الوعي بخطر التدخين السلبي على الطفل، كما أن من المشاهد التي نراها تتكرر دائماً وجود الطفل داخل سيارة ويقوم السائق بالتدخين في وجوده، هذه أيضاً جريمة نكراء بحق صحة وسلامة الطفل.
ثم إن إيجاد هذه القوانين يحتاج إلى آليات تعمل على ما بعد العقوبة، والنظر إلى بقاء الطفل داخل بيئة خطرة تهدد سلامته وحياته، فالقضية ليست تدخين فقط، بل إن هناك -بلا شك- أمور أكثر تعطينا هذه المؤشرات إلى وجود ضرر حقيقي على طفل يعيش في هذه البيئة، وأن هناك أسلوب تنشئة خاطئ يهدد المجتمع في الغد القريب!