د.عبدالله الغذامي
اشتهر عن غازي القصيبي - رحمه الله - أنه يفضل التعامل مع الرسائل والمكاتبات ، ويكره الاتصالات الهاتفية ، وكان يسمي التلفون بالثعبان الأرقط . ذاك لأن الاتصالات الهاتفية تقتحم وقته في المكتب ، وتدخله في مواجهة مفاجئة مع المتصل الذي يطلب منه خدمة قد لا تكون نظامية أو ربما تحتاج لمراجعة وتدقيق قبل البت فيها ، كما أن المكالمة قد تدخل بأحاديث ليست من صلب غرض المكالمة ، وبكل تأكيد فإنها ستبدأ بالسؤال عن الأحوال ثم عرض بعض المحسنات اللفظية بذكر المحبة وبعض قصص مرت ومر فيها ذكر حميد لفضل تسجله المجالس لك ثناء على كرمك واستجاباتك لحوائج الناس ، وكلها تمهيد لتليين الموقف وترطيبه ، ويأتي بعدها عرض المسألة والمداورة في الإقناع ، ولهذا كان يحاذر من التعامل الهاتفي ، ويشعر بالوحشة من الهاتف ، في مقابل محبته المترسخة للقراءة ويتبعها أن يقرأ رسائل الطلبات الرسمية ، ويقابلها بمهارته الأدبية بكتابة شروحات تناسب مقام الطلب، ويرسلها لمن هو مختص بالوزارة لتولي أمرها ، وهي تصل للموظف وعليها ترطيب لغوي يعين على تسهيل مسارها ، كلما أمكنت الظروف ، وحينها يشعر الوزير أنه قد أدى واجبه الوظيفي والأخلاقي ، ولم يهدر وقت العمل بالمحادثات والمجاملات ، ولم يثقل على عواطفه ولا على حقوق الأنظمة ، والتزم غازي بهذه القاعدة حتى مع أصدقائه الذي عرفوا عنه هذه الخاصية فصاروا يراسلونه برسائل ورقية في أي أمر لهم معه ، بما في ذلك ما هو شخصي ومناسباتي.