عبد العزيز الصقعبي
في نهاية كل عام يقدم الصديق خالد اليوسف رصداً للأدب السعودي المنشور، وبمراجعة بعض الإحصائيات يقرر ماهي المؤسسات الثقافية التي كان لها حضور جيد في النشر، و أيضاً ماهي دور النشر المحلية والعربية التي كان له سبق الإصدار وغزارته، ونتائجه تلك تصبح وساماً لتلك المؤسسات والدور، وبكل تأكيد الأندية الأدبية «كمثال» تسعى أن تكون لها الريادة في خدمة الأدب السعودي بغزارة النشر وتنوعه، وكذلك دور النشر المحلية والعربية، وبالذات بعد أن اتجهت أغلب الأندية الأدبية إلى مشروع النشر المشترك.
وفي هذه الأيام يحتفل الجميع بمعرض الرياض الدولي للكتاب، هذا المعرض بشهادة الجميع من أهم المعارض في الوطن العربي، من جانب آخر هو النافذة الوحيدة إلى حدّما للحصول على النتاج الثقافي والفكري في المملكة وكذلك في الوطن العربي.
في كل عام يقام على هامش المعرض نشاط ثقافي، يتفاوت هذا النشاط بأهميته حسب مستوى قيمة المشاركين ومكانتهم العلمية والعملية، والموضوعات التي تطرح كمحاضرات أو ندوات وبالطبع غالبيتها يدور حول القضايا الثقافية والسياسية والاقتصادية، ما لاحظته منذ سنوات منذ أن اعتمد معرض الرياض للكتاب ليكون احتفالاً سنوياً رسمياً، خلو الندوات والمحاضرات المصاحبة للمعرض من قضايا النشر في المملكة « الأمر ينطبق أيضاً على معرض جدة للكتاب»، ربما أقيمت محاضرة أو ندوة عن النشر عن المملكة، ولكن مجرد تنظير عن النشر الورقي والنشر الإلكتروني.
حين ذكرت في بداية حديثي رصد الصديق خالد اليوسف لحركة النشر، كنت أتمنى لو تقام بصفة سنوية في معرض الرياض للكتاب ندوات وورش عمل تحت إشراف مكتبة الملك فهد الوطنية لأنها المصدر الرئيس لمعرفة حركة النشر، بمشاركة جمعية الناشرين السعودية، في هذا اللقاء السنوي يتم رصد الكتاب الصادر في المملكة العربية السعودية، هل وصل إلى القارئ، وهذا الأهم، وما مشكلة صناعة الكتاب في المملكة، بدءا من التأليف حتى التوزيع والانتشار، نحن نعرف أن هنالك دور نشر سعودية كان لها أجنحة كبيرة في سنوات سابقة، وفجأة تمت تصفيتها وأغلقت، وهنالك دور نشر عريقة، بعضها توقف منذ سنوات مثل الدار السعودية في جدة، « أعتقد ذلك»، ودور أتمنى أن تستمر «دار العلوم» كمثال، النشر في المملكة يحتاج إلى تصحيح و دعم، هنالك دور نشر تعتمد على جهد أصحابها و علاقاتهم، وغالبيتها تكون أحادية التوجه، ونرى ذلك واضحاً في إصدارات الدور الشبابية الجديدة، والنشر وفق رؤيتي عمل مؤسساتي وليس فرديا، فخَمس دور نشر جيدة أفضل من خمسين دار نشر تصدر كتباً لا ترى ولا تعرف إلا في معرض الرياض بجناح صغير وباهت.
قضايا النشر مهمة، وعدد الناشرين كبير جداً وسبق أن أصدرت مكتبة الملك فهد الوطنية دليلا للناشرين في المملكة، يجب أن تحول دور النشر التي يملكها ويشرف عليها أفراد إلى مؤسسات يكون لها ميزانيات خاصة و لجان وعدد من المحررين الذين لديهم الخبرة في اختيار الكتاب الجيد، أغلب دور النشر لدينا تعتمد على علاقات وثقافة القائمين عليها، وأغلبها للأسف تعتمد على اجتهادات في مجال النشر دون خبرة، فيصدر الكتاب مملوء بالأخطاء، شكلاً ومضموناً. أتمنى من وزارة الثقافة بصفتها الجهة المعنية بالإشراف على معرض الكتاب، أن تضع ضمن خطتها للعام المقبل مناقشة صناعة النشر في المملكة، لا زلنا في مواقع متأخرة، ودور النشر السعودية ليست جاذبة للأدباء السعوديين فما بالكم بالعرب، وهنا أركز على الدور التي تعنى بالثقافة والأدب، نجاح المعرض إضافة إلى تظاهرة البيع والنشاط الثقافي والفعاليات المصاحبة، أقول نجاحه في خلق بيئة صحية للنشر في المملكة.