روما - سهيلة طيبي:
انعقدت في جامعة روما ندوة علمية حول الرواية والنقد في المملكة العربية السعودية، شارك فيها جمعٌ من الأكاديميين والأساتذة الإيطاليين والسعوديين تناولت العديد من المحاور الثقافية، على غرار الآفاق الجديدة في الأدب السعودي المعاصر، والكتابة النسائية، وتمثلات المرأة في السرديات السعودية. في مستهلّ الجلسات ألقى مدير مؤسسة جامعة «لاسابيينسا» الدكتور أنتونيللو بياجيني كلمة رحب فيها بالجانب السعودي وبالأساتذة المشاركين، تلته كلمة القائم بأعمال سفارة خادم الحرمين الشريفين في إيطاليا ومالطا الدكتور فيصل بن حنيف القحطاني أبرز فيها عمق الروابط الثقافية التي تربط المملكة بإيطاليا، ثم ألقى الدكتور عبد العزيز بن علي الغريب كلمة رحّب فيها بهيئة الجامعة وبالمشاركين وبالإعلاميين وبالحضور الكريم. في آخر الكلمات الافتتاحية ألقت المنسقة العلمية الأستاذة إيزابيلا كاميرا دافليتو كلمة رحبت فيها بالضيوف والكتّاب والحضور الغفير.
ترأس الجلسة الأولى كلٌّ من الأستاذة فرانشيسكا كوراو والأستاذ خالد الرفاعي، وشارك كل من الدكاترة أرتورو موناكو، وباولا فيفياني، ومونيكا روكو، وحسن النعمي، وأنجيلا ديانا لانغوني. في حين ترأس الجلسة الثانية الأستاذ حسن النعمي والأستاذة مونيكا روكو. حيث ألقت كل من المتداخلات إيزابيلا كاميرا دافليتو، ومنيرة ناصر المبدّل، صاحبة مؤلف أنثى السرد، وماريا أفينو، وألفيرا ديانا محاضرات هامة شدت انتباه الحضور.
تركزت مواضيع المداخلات حول واقع الرواية السعودية وتحولاتها، وقضايا الأدب السعودي المعاصر، وإسهام المجلات الثقافية السعودية في تطور الحركة الأدبية. ناهيك عن قضايا أخرى تناولتها الجلسة مثل «الجندر» في الرواية السعودية المعاصرة. من جانبه تناول الأستاذ خالد الرفاعي محطات نشأة الرواية السعودية وتطورها على مدى نصف قرن، وتناولت الأستاذة كاميرا دافليتو قضايا في الرواية السعودية. انشغلت مجمل مداخلات الأساتذة الإيطاليين بتناول نماذج روائية سعودية معاصرة، مثل أعمال سمر المقرن ورجاء عالم ويوسف المحيميد وزينب حفني. هذا وقد خيّمت على أعمال الندوة القرارات الجريئة التي اُتخذت في المملكة العربية السعودية بشأن دعم حقوق المرأة. حيث أبرز المتداخلون والمتداخلات شجاعة الإجراءات الأخيرة، لما لها من أثر طيّب على أوضاع المرأة ومستقبلها، لدعم مكتسباتها الثقافية والاجتماعية والمدنية. ذلك أن التجديد الذي تخوضه المملكة العربية السعودية هو تجديد ينطلق من عمقها الحضاري العربي الإسلامي، والمرأة السعودية هي ركن أساسي في هذا التحول، بما تتحمّله من دور وتضطلع به من مهام للنهوض الحضاري، ينبع من رؤية منسجمة مع التحولات العالمية ومع الواقعية الاجتماعية التي تعيشها بلدان الخليج العربي.
من جانبهن حثّت المتداخلات الإيطاليات على ضرورة دعم قطاع الترجمة بين العربية والإيطالية، بقصد توطيد عرى التواصل بين الإنتاج الأدبي السعودي والإنتاج الأدبي الإيطالي. فقد أبرزت الأستاذة مونيكا روكو الزخم الإبداعي الحاصل في العربية السعودية، ودعت إلى ضرورة نقله إلى الإيطالية، ذلك أن الأعمال السعودية في المجال الأدبي باللغة الإيطالية تبقى قليلة.
مثّل وصول مجموعة من الكتّاب والكاتبات السعوديين والسعوديات إلى مراتب مشرّفة، تجلت عبر الحصول على جوائز أدبية، مدعاة إلى لفت الانتباه في إيطاليا إلى ما يزخر به هذا الأدب من قيم جمالية ومضامين أدبية راقية في معالجة مسائل متنوعة، لفتت الانتباه إلى ما تشهده الحركة الأدبية السعودية من نشاط وحيوية.
في ختام الجلسات دعا الساهرون على الندوة، من الجانبين الإيطالي والسعودي، إلى ضرورة تكثيف التواصل ودعم أواصر الترابط بين مختلف المبدعين والمبدعات من الجانبين. هذا وقد التقينا على هامش الندوة بمجموعة من المشاركين والحاضرين أدلوا بتصريحات بشأن هذه المبادرة الثقافية الهامة. حيث أعرب القائم بالأعمال السعودي فيصل بن حنيف القحطاني عن سعادته بانعقاد هذه الندوة، والتي تبقى دليلاً على متانة الأدب السعودي وانفتاح الثقافة الإيطالية على الآخر. وأعرب من جانبه أن استراتيجية «رؤية 2030» تتضمن بُعدا ثقافيا إلى جانب أبعادها الأخرى، ما يقتضي اهتماما بتوطيد العلاقات الثقافية ودعم الترجمة لغرض ترويج الإبداع السعودي في العالم. من جانبه أثنى الدكتور عبد العزيز الغريب على ما قامت به جامعة روما العريقة في سبيل دعم الثقافة السعودية والتعريف بها، على مستوى أكاديمي وعلمي. كما أبرز بالمناسبة سعي الملحقية الثقافية السعودية لعقد جملة من الأنشطة والفعاليات في جامعة روما وفي غيرها من الجامعات الإيطالية على مدى العام الجاري. من جانب آخر أبرز الدكتور عزالدين عناية، أستاذ الحضارة العربية بجامعة روما، أن المبادرة التي قامت بها الجامعة، من خلال عقد ندوة تناولت الأدب السعودي هي مبادرة علمية إيجابية، تأتي ضمن مخطط شامل للجامعة للانفتاح على الثقافة العربية المعاصرة، ولاسِيما وأن قسم الدراسات الشرقية في الجامعة يزمع القيام بعديد الأنشطة في الغرض للتعريف بالثقافة العربية.