يوسف المحيميد
بريطانيا تطرد 23 دبلوماسياً روسياً، وموسكو ترد بأن لندن اختارت المواجهة. إقالة وزير الخارجية الأمريكي تيلسون يزعج إيران وانسحاب أمريكي وشيك من الاتفاق النووي الإيراني. واشنطن تعاقب موسكو لتدخلها في الانتخابات. فرنسا تعتزم اتخاذ إجراءات ضد روسيا بشأن تسميم الجاسوس. البرلمان الألماني ينتخب ميركل لولاية رابعة. روسيا تعلن نجاح تجربة إطلاق صاروخ يفوق سرعة الصوت، وكبير جواسيس أمريكا الأسبق يعلق على صاروخ بوتين الذي لا يُقهر. أردوغان يدعو الناتو للتدخل عسكرياً في سوريا... إلى آخره من الأخبار السوداء!
هذا السباق المحموم نحو الحرب، سواء بالتهديد المباشر واستعراض الأسلحة المتطورة والمدمرة، أو من خلال الحرب بالوكالة، يثير قلق العالم وشعوبه. هذا الحراك المخيف بين قوى العالم، واستخدام منطق القوة والعضلات بدلا من الحوارات الدبلوماسية بين الدول، قد يشير إلى اقتراب العالم، ليس إلى نهايته، بل إلى دمار مقدراته وعودته إلى الوراء.
هذا النزاع المستمر، وتسارع الأحداث، يثير القلق كثيرًا، صحيح أنه حدثت حالات مشابهة كثيرة من الأزمات والنزاعات منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية وحتى الآن، لكن العالم هذه المرة، كما لو كان يستلذ بهذا الصراع، ولا يريد نزع فتيله، ولا يعمل على إيقافه، كما لو كان الإنسان قد نسي مآسي الحروب ومخلفاتها البغيضة، كما لو كان بحاجة إلى تذكيره بتركات الحروب الثقيلة، سواء على الإنسان، أو على الأوطان، فكم نحن بحاجة إلى لغة العقل بدلاً من لغة العضلات كي نحمي العالم من مثيري الفوضى في كافة أرجائه.
ما يثير الدهشة أننا في زمن الإنترنت، والرسائل السريعة، زمن الصورة والفيديو، زمن وسائل التواصل الاجتماعي، وهناك من يستمتع بأغاني الحروب وطبولها، ويزيد من انتشارها في المواقع الإلكترونية المختلفة، فلم تعد القنوات وحدها هي من يحرض فقط، بل حتى الأشخاص من مختلف الشعوب يتنافسون في القرع على طبلة الحرب، أوقفوا الطبول وأشعلوا الموسيقى والفنون، فهي وحدها التي تخدر شهوة القتل والدمار.