لم تكن زيارة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، هي الأولى لواشنطن، بل سبقتها الزيارة التاريخية عندما كان ولي ولي للعهد إلى الولايات المتحدة الأمريكية وهي الأولى من نوعها منذ تولي دونالد ترمب مقاليد الأمور داخل البيت الأبيض في 20 يناير2017.
وتأتي الزيارة الثانية الحالية لسموه إلى واشنطن في إطار تعميق وتعزيز العلاقات المشتركة الإستراتيجية ورفع مستوى التشاور السياسي والأمني والاقتصادي والعسكري والتنسيق الثنائي الدبلوماسي بين الرياض وواشنطن على كافة الأصعدة، فالعلاقات الثنائية بين البلدين حيوية وإستراتيجية تاريخية متجذّرة تمتد لأكثر من 80 عاماً، فقد بدأت العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين في عام 1933، وتأسس أول مكتب دبلوماسي في واشنطن كمفوضية للسعودية في عام 1944، وتم افتتاح السفارة الأمريكية في جدة عام 1944 قبل أن ينتقل مقر السفارة إلى الرياض في عام 1984.
على الصعيد السياسي والأمني تدرك الإدارة الأمريكية مكانة المملكة وأهميتها بقيادة العالمين العربي والإسلامي، ودورها الريادي في دعم الأمن والسلم الدوليين، وأن المملكة في الخطوط الأمامية لمكافحة الإرهاب ودعم الاستقرار بالتعاون مع حليفتها واشنطن، والتطابق السياسي بين الرياض وواشنطن تجاه القضايا التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط التي تموج فيها الفوضى بسبب تصرفات النظام الإيراني الداعم للمنظمات الإرهابية والمربكة للعالم والداعم للمليشيات الإرهابية الحوثية في زعزعة استقرار الخليج في المنطقة، والقضاء على بقايا داعش في سوريا والعراق، فالزيارة تتناول عدة قضايا ساخنة متعلقة بالأمن الإقليمي، وارتفاع مسألة التعاون المشترك بين الرياض وواشنطن من أجل التصدي والعمل على تعزيز صون الأمن الإقليمي والدولي، ومجابهة التحديات الملحة في مختلف أرجاء العالم.
وعلى الصعيد الاقتصادي تهدف الزيارة لتحقيق الازدهار الاقتصادي فقد تم توقيع الرؤية الإستراتيجية المشتركة بين الدولتين، إلى جانب اتفاقيات وصفقات استثمارية بين الرياض وواشنطن في مجالات الدفاع والتجارة والطاقة والبتروكيماويات، تبلغ قيمتها 280 مليار دولار، وتركز الزيارة لتطوير الشراكة مع الولايات المتحدة لتكون شريكاً رئيسياً لتحقيق الأهداف الاقتصادية وتعكس ذلك عدد وحجم ونوعية الاتفاقيات، فالشراكات مع الشركات الأمريكية الكبرى شهادة على جدية وأهمية التطور الذي يشمل الأنظمة والمرافق المختلفة في المملكة، فهناك اتفاقيات تتضمن سلسلة من المشاريع المتعلقة وجزءاً من هذه المشاريع سيوجه لبناء البنية التحتية الحديثة في المملكة، وجميع هذه المشاريع تم اختيارها في إطار تحقيق رؤية المملكة 2030.
على الصعيد العسكري تتجسد الزيارة لرفع أعلى مستوى التعاون والتنسيق الأمني والعسكري وذلك بهدف تجفيف منابع الإرهاب ومكافحته وتحقيق الاستقرار على الصعيد الإقليمي والدولي.
على الصعيد الثقافي ازدهرت العلاقات السعودية - الأمريكية على الصعيد الثقافي، إذ يصل عدد الطلاب المبتعثين السعوديين إلى أكثر من 125 ألف طالب، موزعين على 51 ولاية، وأصبحت أمريكا الأولى على مستوى العالم باستقبال المبتعثين السعوديين ضمن برنامج بعثة خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي.
ختاماً المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة لديهما علاقات مشتركة على كافة الأصعدة ورؤية مشتركة للقضايا العالمية، وتشهد إدارة دونالد ترامب علاقات متينة وقوية وودية مع المملكة وقائمة على أساس المصالح والقيم المشتركة وإستراتيجية متعددة كتعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط والمحافظة على استقرار أسواق النفط، والاقتصاد الدولي.
فالعلاقة بين البلدين راسخة وتتطور بما يخدم المصالح المشتركة لهما، والتحديات العالمية بحاجة إلى استجابة منسقة من الدولتين بما يمثّلان من ثقل اقتصادي وسياسي عالميين واستمرار التشاور والتنسيق المشترك بما يصب في المصلحة المشتركة بين البلدين الصديقين.
** **
- علي آل مداوي
Ali.moon1981@gmail.com