فهد بن جليد
من الألبان والأجبان قليلة الدسم التي نشأت في الثمانينات الميلادية وأوصى بها خبراء الصحة والرشاقة عقوداً طويلة، إلى المياه قليلة الصوديوم التي يتم استيرادها من الينابيع الطبيعية في قاع الجبال ويُرخص لها ويُنصح بها، مروراً بالأطعمة قليلة الكربوهيدرات إلى الوجبات قليلة السعرات الحرارية، نتذكر مع كل هذا الكم الهائل من شعارات (القلقلة) التي نتعرض لها، مقولة الفنان الراحل خالد النفيسي الشهيرة (جليل الحياء) -قليل الحياء- والتي أضحكنا بها كثيراً في (حيَّالة) مانع ودواس، تلك الفانتازيا الساخرة التي تنطبق على واقعنا المُعاش بعدم مصداقية عبارة كل (قليل وقليلة) وضعت أمام (مُنتج) كي نشتريه!. يقول الخبير الدولي براندون ماكفادين -الأستاذ بجامعة فلوريدا- في (مقال) نُشر له في فبراير الماضي أنَّ هوس المُلصقات الزائفة لا يفيد المُستهلك بقدر ما يرفع فاتورة الشراء بشفافية غير مهمة أو مطلوبة، طارحاً نظرية (فجوة المعلومات) بين المُستهلك وواضع المُلصق أو العبارة - بمعنى أنَّ الإنسان قد يختار مُنتجاً فقط لأنَّ به شعار (خالي من الغلوتين) - وهو لا يعرف ما المقصود أصلاً بـ (الغلوتين)! وللإيضاح هو - بروتين في القمح ومشتقات الخميرة يُسبب التهاباً في الأمعاء الدقيقة واضطرابات الهضم - هذا بالإضافة إلى نظرية (تأثير الإشارة) عندما يتم الإيحاء بأنَّ هذا المُنتج أفضل من غيره, حتى لو لم يثبت علمياً صحة ذلك، وكيف أنَّ الأمور ستزداد تعقيداً هذا الصيف مع تطبيق قانون يلزم شركات الأطعمة في الولايات المتحدة الأمريكية (بتمييز الأطعمة) كتلك التي تحوي عناصر غذائية مُعدَّلة وراثياً رغم عدم ثبوت ضررها علمياً.
الغريب أنَّ المُنتجين لا يضعون عادة العبارات التحذيرية، أو تواريخ الانتهاء ومكونات المُنتج من ألوان وأصباغ وسكريات وغيرها, بمستوى الوضوح نفسه الذي يضعونه عند كتابة ميزة (قليل أو خالي أو منزوع) الشهيرة بالألوان وبالشكل البارز, هيئة الغذاء والدواء مشكورة سعت في وقت سابق لرفع مستوى الوعي عند المُستهلك بأهمية وضرورة قراءة (البطاقة الغذائية) التعريفية, بمكونات المُنتج وخصائصه ومُقارنتها بغيره من المُنتجات الأخرى واختيار الأفضل والأنسب، ولكن من يحمينا من تأثير نظرية (الإشارة الدعائية) التي يتقصدها بالفعل بعض المُنتجين عند الترويج لمُنتجاتهم، ولعلي أذكركم هنا (بمقال سابق) كتبتُ فيه عن مُشاهدتي لأحد المطاعم في سيول بكوريا الجنوبية وقد وضع عبارة (حلال) أسفل صورة (أرجيلة أو شيشة) عند المدخل، كنوع من الترويج للسياح العرب والمُسلمين, وأنَّه يقدم الأطعمة والمشروبات الحلال..(منزوع المصداقية) جليل الحياء !.
وعلى دروب الخير نلتقي.