إبراهيم عبدالله العمار
على كثرة إيجابيات الإنترنت، إلا أن مساوئها عظيمة أيضاً، حتى أنها صارت...تقتل!
في أول أيام الإنترنت وجدت إحدى الدراسات الشهيرة رابطاً بين الإنترنت والمرض النفسي، فالإنسان كائن اجتماعي يمرض إذا انعزل كثيراً، وهذا بالضبط ما تفعله الإنترنت: إنها تعزل الناس وتفصل بينهم. تلك الدراسة كانت قبل قرابة 20 سنة، فكيف الآن وقد باضت الإنترنت وفرّخت في كل مكان؟
قد يقول قائل: لكن أنا أتواصل مع الناس عبر الإنترنت، أنا إذاً اجتماعي. مستحيل!
كيف تكون اجتماعياً وأنت وحدك مع جهاز جامد بارد؟ هذا الوهم يقع فيه الكثير وبخاصة المراهقون الذين انغمسوا تماماً في هذا العالم، وظنوا أن فيسبوك وواتساب وسناب وغيرها تُغني عن الخروج من البيت والاختلاط بالبشر الحقيقيين، وقد صنع الباحثون تجارب كثيرة أظهرت أن عزل الأطفال لا يضرهم نفسياً فقط، بل يقتلهم إذا كان العزل مستمراً وقوياً.
هل تتساءل عن أي درجة تضر فيها العزلة؟ وجدت الدراسات أن من ينجو من النوبة القلبية تزيد احتمالات وفاته 3 مرات إذا انعزل بعدها. دراسة وجدت أن مرضى سرطان الدم أطول عمراً إذا كان لديهم علاقات اجتماعية قوية. العالم دين أورنيش بحث العلاقة بين الانعزال والوفاة ووجد بعد التعمّق في عشرات البحوث والدراسات أن المنعزلين أكثر عرضة للموت المبكر؛ وذلك بدرجة عالية جداً تبلغ 5-7 مرات أكثر من الذين لديهم علاقات قوية مع أزواج أو عائلات أو مجتمع.
ما زال الطب الغربي - رغم تطوره - يتردد عن حث مرضى الجسد على زيادة اختلاطهم بالناس وتقوية علاقاتهم، فيَفصلون بين مشاكل الجسد ومشاكل النفس، بينما الحقيقة أن الاجتماعية دواء لا يقل تأثيره الإيجابي عن الحبوب والعمليات الجراحية.
الكثير اليوم يستهينون بآثار الإنترنت على أبنائهم، ولا يمانعون أن يقضي الأبناء الساعات مع تلك الأجهزة الضارة، والتي لا تُغني عن الحياة الاجتماعية الحقيقية ويجدر بها أن تجعل الأهل يفكرون جيداً ويمنعون أبناءهم أن لا يفرطوا في الجلوس أمام الإنترنت.