د.فوزية أبو خالد
يصادف اليوم الذي ينشر فيه هذا المقال اليوم الأخير من الأسبوعين المتواصلين لعمل لجنة أوضاع المرأة بالأمم المتحدة في استضافة التمثيل النسائي الواسع لمختلف الوفود الدولية بتمثيلها الرسمي والمدني بهدف الوقوف على أوضاع النساء والإستماع لأصواتهن شخصياً في المجال المحدد لعمل هذه اللجنة وهو مجال المساواة ومجال التمكين في كافة أشكال النشاط الإنساني للمجتمعات من المجالات المعرفية للفنون والآداب إلى مجالات التربية والتعليم والصحة والرياضة والبيئة ومن مجالات العمل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي إلى عموم مجالات الحيز العام والبيتي بالمدن وبالأطراف معاً. وبما أنه يناط بهذه اللجنة دور تقيمي وتعزيزي لمساواة المرأة وتمكينها وتعويضها عن الإقصاء التاريخي من مجالات المعرفة والعمل, فإن هذه اللجنة من لجان الأمم المتحدة المعنية بأوضاع النساء قد دأبت منذ تأسيسها بموجب قرار مجلس الاقتصاد الاجتماعي رقم أحد عشر عام 1946م على عقد اجتماعها السنوي في شهر مارس بمشاركة الدول الأعضاء ومنظمات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية في محاولة تقييم المنجز في مجال المساواة وتحديد التحديات وكيفيات مواجهتها, مع إتاحة الفرصة على مستوى أممي لتبادل الخبرات بين الحضور بما يوسع فرص المشاركة في وضع الضوابط والمعايير العالمية للتقييم وبما يعطي مساحة لصناع السياسات والباحثين والنشطاء للمساهمة على مستوى ميداني ونظري في تصور إسترتيجيات وتقنيات جديدة لتحويل حلم مساواة النساء إلى حقيقة. غير أن هذا الاجتماع السنوي يعد حصاد عمل تراكمي طوال العام بين لجنة أوضاع المرأة وبين اللجان المعنية بشؤون النساء في الوفود الدولية الدائمة بالأمم المتحدة كالوفد الدائم للمملكة العربية السعودية.
وفي هذا السياق نرى أن وفد المملكة العربية السعودية الدائم بالأمم المتحدة قد عمل، هذا العام 2018م بالتزامن مع الزخم الذي تحظى به قضية المرأة مؤخراً على مستوى القيادة، على تقديم هذه المعادلة الصعبة للجمع بين الحضور الرمزي للمرأة السعودية حضوراً معرفياً أدبياً وبين حضورها الرسمي متجسداً في استقبال وفد موسع من السيدات العاملات في مناصب عليا من القطاع الحكومي والخاص برئاسة نسائية للمرة الأولى ليكون متحدثاً باسم المملكة بهذه المناسبة. وقد عبرت تلك المعادلة عن نفسها بحرص وعمل لجنة شؤون المرأة بالوفد السعودي الدائم ممثلة برئيستها أ. نورة الجبرين وفريق عملها ومنهم أ.محمد القاضي مع عدد آخر من الموظفات والموظفين النشطاء على أن تكون مشاركة المملكة العربية السعودية في اللقاء السنوي الثاني والستين للجنة أوضاع المرأة بالأمم المتحدة مشاركة نوعية. وقد تم ذلك بتقديم مستويين من العمل. مستوى ميداني معرفي يمكن لمسه لمس اليد والتماس معه وجدانياً وفكرياً وتمثل في إقامة معرض شعري تشكيلي يتحدث عدة لغات عالمية هي لغة الشعر ولغة النحت ولغة الموسيقى المصاحبة. أما المستوى الآخر فقد تمثل بترتيب مشاركات متعددة في المحاضرات والجلسات المقامة من قبل لجنة أوضاع المرأة بالأمم المتحدة للوفد النسائي القادم من المملكة خصيصاً للمشاركة في هذا اللقاء الدولي.
أن تخرج صورة المرأة من الخطابات الجافة في الإعلام العربي والخطابات الاستشراقية الجارحة في الإعلام الغربي لتحلق في سموات الإبداع بصور نابضة حيوية تتحدث كل لغات العالم دفعة واحدة عبر لغة الشعر والنحت المكتوبة بالحبر والطين وخبز الأحلام وملح الجراح وشوك الأجنحة وحريرها, فتلك هي اللمسة التي تمس عقول وقلوب الشعوب دون وسطاء.
أن تخرج المرأة على الصورة النمطية وعلى الخطاب الاعتذاري والدفاعي المعتاد لتقدم نفسها بنفسها عبر ملكوت الشعر ومن خلال فن المنحوتات, وعبر حضور نسائي معبر فتلك هي ما يسمى محاولة التفوق على الذات.
أن نحقق حلم المساواة عبر أخيلة الشعر والتشكيل أن نخطف الأبصار بأجنحة الكلمة الشفيفة الشرسة وبصلصال الرمال المتموجة فذلك هو التعبير عن مخاضات النضال اليومي للنساء وتلك هي الرسالة المعرفية وجدانياً وفكرياً المعبرة عنا عبر العالم
التحدي اليوم لنا ليس حضور صورة بديلة للمرأة السعودية بمكياج أكثر أو مكياج أقل وليس بتقديم نخب مختلفة من النساء لنقول هذا تمثيل للنساء، بل التحدي أن نحفل بالأصل وبالتعبير عن الأصل ولا نستميت في الدفاع عن الصورة لا بالاعتذار عنها ولا بتجميلها ولا بمحاولة تشبيهها بما لايشبهها، بل باختيار الصورة التي تكون طبق الأصل للأصل وتستطيع أن تمثله بالأطياف المتعددة للنساء في حلمهم الوطني الكبير وفي حلمهم الشخصي البسيط عبر المدن والأطراف بالتمكين والمساواة.
وأختم بقصيدة الومضة
مصيري لن يصير صورة
وبلادي لن تكون شاشة
لندعهم يظنون
ونغزل
بلادا لا تنحني للعباد