علي الصحن
دخل اللاعب المصري محمد صلاح تاريخ كرة القدم من الباب الواسع، لم يكن هناك من يتوقع أن الفتى ذا الـ (19) ربيعاً سيذهب بعيداً وهو يحزم حقائبه وينتقل من فريق المقاولون العرب الذي نسج معه خيوطه الأولى على بساط الكرة إلى فريق بازل السويسري، الحقيقة التي أدركها الجميع لاحقاً أن صلاح قد ذهب وفي ذهنه شيء واحد فقط، أن يكون شيئاً مذكوراً في عالم الساحرة المستديرة.
بعد موسمين في باول انتقل إلى تشيلسي الانجليزي وهناك اكتفى بهدفين في ثلاث عشرة مباراة، فيمم صوب ايطاليا معاراً إلى نادي فيورنتينا، وبعد ستة أهداف في ست عشرة مباراة انتقل إلى روما لموسمين إعارة ثم انتقل وهناك لعب (65) مباراة سجل فيها (29) هدفاً.
في الموسم الحالي انتقل إلى نادي ليفربول العريق، ومعه لعب حتى اليوم (30) مباراة سجل فبها (28) هدفاً، وهو معدل مرتفع لفت له الأنظار وجعله حديث الناس، هذا فضلاً عن مساهمته في تأهل منتخب بلاده إلى المونديال بعد غياب دام (28) عاماً.
سجل صلاح وفق مواقع متخصصة (36) هدفاً في جميع البطولات محتلاً المركز الثاني في قائمة هدافي أوروبا (في جميع البطولات) بعد نظيره البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي سجل (37) هدفاً.
وبحسب تقارير نشرت مؤخراً (فقد احتل صلاح المركز السادس في قائمة اللاعبين الأكثر فائدة لأنديتهم في حال انتقالهم إلى فرق أخرى، وستبلغ فائدة ليفربول من بيعه 113 مليون يورو (521 مليون ريال)، وهو الفرق بين سعره عند الشراء (50 مليون يورو) وبين قيمته الحالية (163 مليون يورو).
دعونا من صلاح، ولنعد إلى ملاعبنا واحترافنا ولاعبينا... ونتساءل: متى يكون لدينا محترف حقيقي يحمل رسالتنا الرياضية والثقافية في ملاعب أوروبا؟
هيئة الرياضة مدت يدها ووضعت العديد من الافكار والرؤى لدعم احتراف لاعبينا هناك، لكن ذلك لن يكفي، الأندية يجب أن تقوم بدورها واللاعب يجب أن يعي دوره ومعنى كونه لاعبا محترفا.
لا خلاف أن لدينا سابقاً وحالياً مواهب كروية تستطيع أن تفعل شيئاً في ملاعب الكرة، لكنها للأسف لم تع دورها ولم تحافظ على موهبتها فظل الطموح منقوصاً، وظلت الموهبة تتضاءل مع تراكم الخبرات والتجارب!!
لا يمكن أن ينجح لاعب همه توقيع العقد والحصول على مميزاته ثم يركن إلى ماضيه ومدرجه فقط، ولا يمكن أن ينجح لاعب وإن بلغت موهبته ما بلغت وهو لا يقوم بكل واجباته والتزاماته كلاعب محترف، ولا يمكن أن ينجح لاعب ترك الكرة وتفرغ لمناكفة مدربه او إدارة ناديه أوالحكام، ولا يمكن أن ينجح لاعب يغضب إن بقي في الاحتياط أو استبدله مدربه، لا يمكن أن ينجح لاعب مزاجي موهوب بطاقاته وإيقافاته أكثر من أهدافه ومساهماته الفاعلة مع الفريق.
لا يمكن أن ينجح لاعب اعتقد أنه وصل لمجرد أن وضع قدمه على الدرجة الأولى في سلم طويل، ولا يمكن أن ينجح لاعب جعل الكرة مجرد وظيفة وهذا سقف الطموح لديه، أو لاعب أشغل نفسه بما يعود عليه وموهبته بالسلب، أولاعب غير ملتزم ببرامجه التدريبية أو الطبية أو التأهيلية.
كرة القدم اليوم ليست مجرد موهبة وإن كانت الموهبة هي الأساس ورأس المال، لكنها مجموعة عوامل مترابطة، وأي اختلال في أي عامل منها من شأنه أن يجعل بقية العوامل بلا قيمة أو تأثير حقيقي.
عودة إلى محمد صلاح... هل فكر لاعب موهوب بقراءة سيرة اللاعب وكيف صبر وتدرج، ولم يحبط مثلاً برأي مدربه مورينيو فيه عندما كان لاعباً في تشيلسي، بل واصل مشواره لبلوغ هدفه، وماذا حدث في النهاية:
عمل مورينيو على الحد من خطورة صلاح ووضعه تحت رقابة «رجل لرجل» في مباراة ليفربول والمان يونايتد، وكلف به أسرع لاعبيه آشلي يونج، الذي استعمل كل الطرق لإيقاف خطورته.
ما زال صلاح في الخامسة والعشرين من عمره، وما زال في جعبته الكثير من الفنون والدروس لمن أراد أن يستمتع ويتعلم.