د.دلال بنت مخلد الحربي
عادة ما يكون النص ممثلاً لصاحبه الذي يقدمه في شكل معلومة أو خبر أو تعليق أو فكرة لقضية من القضايا، وهو مسؤول عنه مسؤولية مباشرة، كما أنه يعد جزءاً أساسياً منه لا يفصل بحال من الأحوال عنه.
والنصوص بصفة عامة المكتوبة في الدراسات والبحوث والمقالات والروايات وغيرها يفترض أن لا تمس بأي حال من الأحوال، فهي لا تقع في دائرة القبول والرفض، بل يجب أن تؤخذ كاملة، وهذا يعني أنه لا يجوز أن ننشر كتاباً بعد حذف مقاطع أو أسطر لا تعجبنا، أو لأننا نجد انها مخالفة لتوجه محدد، أو انها قد تثير بلبلة، إلى غير ذلك.. وهذا يمكن أن يقع في التعامل مع النص بلغته ويكون الحل في هذه القضية هو إمكانية التعليق في المتن أو في الحواشي والاشارة إلى عدم الاتفاق مع المؤلف أو أخطائه، أو تبرير ورود النص على تلك الصفة.
في كل الأحوال من السهولة بمكان اكتشاف الخلل في النصوص باللغة ذاتها، لانه لابد ان تكون هناك نسخة تمثل ما كتبه المؤلف بنفسه، سواء ان كانت مخطوطة أو مطبوعة يستطيع الباحث على الأقل الوصول اليها والمقارنة عند الشك في نص من النصوص، ولكن الأدهى والامر هو التلاعب بالنصوص الأجنبية عند ترجمتها من لغة الى اخرى، بما يؤدي إلى تغير مراد الكاتب وتحوير فكره، وفِي كثير من الأحيان إيقاع الباحث الذي يعتمد على الترجمة في أوهام ومشكلات قد تؤخذ عليه، لان ما أورده ليس صحيحاً، ولا يتفق مع مراد الكاتب الأصلي.
توصلت إلى مثل هذه الحقائق وأنا أراجع النصوص المترجمة والمنشورة في كتب رحلات مترجمة إلى العربية، ودفعني الشك إلى الرجوع إلى أصولها، فوجدت ما يدخل فعلاً تحت مفهوم (خيانة النص) لأن ما قرأته بالعربية يكاد يختلف جذرياً عما هو مكتوب باللغة الإنجليزية، إما بتبديل معنى كلمة أو حذف جملة، أو ترجمة خاطئة كاملة لا علاقة لها بالنص.
إن خيانة النص مسألة معروفة ليست في اللغة العربية وحدها، بل إن ذلك يشيع في لغات أخرى، ومن هنا كان الاهتمام بالترجمة ودقتها، وأهمية أن تسند في الأصل إلى عارف بالموضوع المطروح، ويملك لغة تماثل لغة النص المترجم، على سبيل المثال فإن ترجمة كتاب عن الجزيرة العربية، من الأفضل دون شك ان يكون المترجم من أبناء الجزيرة العربية لأنه في هذه الحالة سوف يتخطى عوائق من مثل الأسماء والقبائل والأماكن والمواضع، وحتى بعض المصطلحات المحلية الدقيقة.
ختاماً:
إن تجربة المقارنة بين النصوص في لغتها الأصلية والمترجم عنها تشكك في سلامة كثير من الأعمال المترجمة، ولذلك من المهم أن تهتم الجهات التي ترعى قضايا الترجمة باختيار المتخصصين القادرين على الترجمة بشكل دقيق، وأن تهتم بالمراجعة الدقيقة للنصوص حتى يأتي العمل المترجم متفقاً مع الأصل المترجم منه.