خالد بن حمد المالك
لم تقتصر زيارة الأمير محمد بن سلمان في بوسطن على الاجتماع برؤساء الجامعات وكبرى الكليات والمعاهد لبحث مجالات التعاون بين المملكة والمؤسسات التعليمية (كعموميات)، وإنما كانت هناك تفاصيل مهمة يمكن أن نشير إلى شيء منها، فقد استعرض مع جامعة (هارفرد) فرص تطوير التعاون معها، خاصة في الأبحاث المتقدمة في مجالات ريادة الأعمال، وهندسة النظم، وتطوير أساليب التعليم في المملكة لمواكبة تحديات العصر، وفعل مثل ذلك وهو يزور معهد (ماساتشوستس) للتكنولوجيا، ثم خلال زيارته لمركز (آي بي إم واتسن) للصحة، حيث اطلع على نماذج من الابتكارات الصناعية الحديثة، ومجموعة مختارة من منتجاتها التقنية لعدد من الجامعات والشركات السعودية، وكانت الزيارة مناسبة للتوقيع على ست اتفاقيات.
**
زيارة الأمير في جانبها الاستثماري لا تزال في بدايتها، هناك رغبة مشتركة من الرياض وواشنطن للعبور إلى عالم جديد في التعاون، وإلى خلق فرص جديدة تعزز الشراكة القائمة بين البلدين، وهناك مناخ استثماري في المملكة يشجع الجانب الأمريكي في الدخول إلى السوق السعودية، يقابل ذلك فإن هناك رغبة سعودية لمد استثماراتها إلى خارج المملكة وخاصة مع أمريكا، حيث الفرص الكثيرة المتاحة للرياض كي تنوع مواقع استثماراتها، باقتناص الفرص في هذه الدولة أو تلك، تحقيقاً لرؤية المملكة، والأفكار الاستثمارية الجديدة التي تتبناها الرؤية.
**
يلاحظ أن الأمير حين قصد بوسطن كأول محطة له بعد واشنطن، وكأنه تعمد أن يبدأ من التقنية في ترتيب دخولنا للسوق الأمريكية، ودخول الجانب الأمريكي في أسواقنا، لهذا فقد كانت الاتفاقيات الست التي تم التوقيع عليها قبل أن يغادر إلى نيويورك تشمل اتفاقيات تقنية وبحثية حول التطور المستدام في قطاع الطاقة، والأبحاث في مجال الانحلال الحراري للغاز الطبيعي، وإنشاء مركز أبحاث في نظم الهندسة المعقدة، وحول زمالة بن خلدون، وإنشاء مركز لإنتاج اللقاحات ومنتجات البيوتيك، ومركز تميز في الطب الحيوي، وهكذا توصلت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وشركة أرامكو، وشركة سابك مع المؤسسات الأمريكية ذات التميز في هذه المجالات، بفضل الثقة في التعامل مع المملكة.
**
أمام هذا النجاح الجزئي لزيارة ولي العهد لأمريكا، ما زال أمامه المزيد من الوقت لإنجاز ما لم يتم إنجازه بعد، فهو الآن في نيويورك، حيث مركز المال والبنوك، وحيث الأمم المتحدة ومجلس الأمن، فضلاً عن الشركات الأمريكية الكبرى، وبورصة نيويورك للأوراق المالية، أي أن جدول الأمير سيكون مزدحماً باللقاءات السياسية والاقتصادية، وأن عليه أن يوائم بينها، ليكسب الوقت لصالح الأهداف التي يسعى إليها، ومثلما نجحت زيارته لواشنطن ثم بوسطن، فإن زيارته لنيويورك مرشحة هي الأخرى لتكون هناك نتائج مهمة يختتم بها الأمير الشاب محطته الثالثة في زيارته التي قد تستغرق أسبوعين، إذ هناك في جدوله زيارة لعدة مدن في عدد من الولايات لاستكمال ما بدأه من العاصمة الأمريكية من مباحثات ولقاءات واتفاقيات قبل أن يغادر إلى باريس في زيارة مهمة هي الأخرى.
**
أريد أن أشير إلى أنه من غير الممكن أن نلاحق كل إنجازات الرحلة الأميرية، إذ إنها من الكثرة والأهمية ما يجعل أي تغطية إعلامية لها دون المستوى المطلوب، غير أن المتابعة ضرورية، حتى ولو جاءت في حدها الأدنى، مع العلم بأن هناك اهتماماً شعبياً غير عادي في المملكة وفي مختلف دول العالم، فالجميع يريد أن يعرف ما بعد نهاية الزيارة من خطوات تنفيذية، بعد أن تعرف على أجواء هذه الزيارة التاريخية وما تم التوصل إليه بين الجانبين حتى الآن.
-يتبع-