سعود عبدالعزيز الجنيدل
سمعت مؤخرا مفكرا إسلاميا معروفا يتهجم على أحد الأكاديميين في مسألة لغوية.
لم استفد من نقد هذا المفكر، فكل ما أسمعني إياه تهجما، وسبا لهذا الأكاديمي، واصفا إياه بـ الجاهل الذي لا يعي شيئا في اللغة.
وفي المحصلة النهائية لم أفهم- وأنا رجل لغة- الخطأ الذي وقع فيه هذا الأكاديمي مما استدعى هذا النقد اللاذع.
هذا المشهد أراه يتكرر كثيرا في أحاديث تجري هنا وهناك، فيكون الحوار أبعد ما يكون عن النقاش العلمي، لا تسمع إلا تجريحا في الآخرين، وانتقاصا لهم، عوضا عن النقد البناء المؤصّل للمسألة، الذي يُسمع من خلاله إلى جميع الآراء، ويتم الترجيح بينها كل على حسب اعتقاده ونظره للمسألة.
أعي تماما أن الاختلافات موجودة في شتى مناحي الحياة، ولكن يلزمنا أدب الاختلاف، وهو ما يجعل النقاشات ترتقي إلى المستوى العلمي، الذي يرضي ذواتنا وعقولنا، ولا ننسى مقولة الإمام الشافعي - رحمه الله» ما جادلت أحداً إلا تمنّيت أن يظهِر الله الحق على لسانه دوني !!، أين نحن من هذه المقولة!.
كم أتمنى أن نؤسس لهذه الثقافة بدءا من المدارس، ووصولا للجامعات، لابد أن نتعود على الحوار، والنقاش العلمي، بعيدا عن التجريح والسب والقذف للآخرين، ولكي أصدقكم القول، أرى من يعتمد هذا الأسلوب- أسلوب السب والقذف والتقليل من الآخرين- شخصا ضعيف الحجة، ويفتقد للمنطق والبرهان، لهذا يبتعد تماما عن الكلام العلمي الذي يستطيع من يسمعه أن يعرف أن هذا كلام علمي، قائم على الحجة والمنطق والبرهان، وليس مجرد كلام مليء ومحمّل بالإهانات.
ولا يخفى على أحد سهولة الكلام، ورفع الصوت، وإلقاء التهم جزافا هنا وهناك، والانتقاص من الآخرين، والتقليل من علمهم، هذا كله لا يحتاج إلى ذكاء، وفطنة، ودهاء، حتى إنه لا يحتاج إلى شخص متعلم، فالكل يستطيع فعله سواء أكان متعلما أو جاهلا، ولكن الكلام العلمي المبني على الحجة والمنطق هو الذي يحتاج إلى قراءة وسعة اطلاع، وأسلوب في الطرح، لهذا تجد الشخص الذي يفتقد هذه الأمور يبادر للتهجم على الآخرين.
وكما تدل المقولة التي نسبت لـ «ألينور روزفلت»:
«العقول الصغيرة تناقش الأشخاص
العقول المتوسطة تناقش الأحداث
العقول العظيمة تناقش الأفكار».
على مستوى وعقلية من نخاطبه أو نجادله، لهذا إذا سمعت من يتكلم عن شخص ما وينتقده، ويقلل من شأنه فأنصحك أن لا ترخي سمعك له، لأنك لن تسمع إلا سبا وشتما وقدحا، كما حصل مع المفكر الإسلامي المعروف!!!.