حظيت بخوض تجربة تدريبية مهنية فاعلة تختص بفنون المراجعة الداخلية استمرت ثلاثة أسابيع في معقل الرقابة الإدارية ألا وهو ديوان المراقبة العامة..
ذلك الجهاز الحكومي العملاق الذي يعد من أقدم الأجهزة الرقابية وأرسخها قدما وأكثرها خبرة.. ناهيك عن دوره الحيوي الجديد الذي برز مؤخرا في نشر قيم الرقابة وفنون الأداء المهني برئاسة رجل مخضرم بحجم معالي الدكتور حسام بن عبدالمحسن العنقري الذي كرس حياته لنشر وتعزيز قيم الرقابة المالية والإدارية، وتعد مثل هذه المبادرات التي تبناها الديوان هامة جدا في نشر ثقافة الرقابة الإيجابية، وتعزيز دور المراجعة الداخلية، إضافة إلى نقل الخبرات وتبادل المعارف المهنية بين عشرات المتدربين الذي يبلغ حجم خبراتهم مجتمعة مئات السنين.
وعندما نتحدث عن المراجعة الداخلية سيطول الشرح ولكن تجدر الإشارة إلى تعريفها المهني وهو حسب معهد المدققين الداخليين (نشاط مستقل وموضوعي، يقدم تأكيدات وخدمات استشارية بهدف إضافة قيمة للمؤسسة وتحسين عملياتها. ويساعد هذا النشاط في تحقيق أهداف المؤسسة من خلال اتباع أسلوب منهجي منظم لتقييم وتحسين فاعلية عمليات الحوكمة وإدارة المخاطر والرقابة) ويشير هذا التعريف بوضوح إلى أن دور وظيفة التدقيق الداخلي يجب أن يحدد وأن يُنظر إليه بشكلٍ إيجابي وليس سلبياً. ويجب أن يذهب هذا الدور الإيجابي إلى ما هو أبعد من المفهوم التقليدي المتمثل في الرقابة على أصول المنشأة وحمايتها والالتزام وتطبيق السياسات والقوانين، فدور المراجعة الداخلية يجب أن يشتمل على إضافة قيمة للجهة وتقييم واقتراح التحسينات على أنظمة الحوكمة ومدى كفايتها وفعاليتها من تقييم للمخاطر وأسس الالتزام والتحقق من مدى كفاءة أنظمة الجودة وغيرها من وحدات رقابية داخلية يفترض أنها تعمل جنبا إلى جنب بكل توافق ودون ازدواجية لتحقيق أهداف الجهة بمنتهى الكفاءة والفعالية..
ومع توجهات الدولة المستمرة -أعزها الله- في تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد والمفسدين وتوسيع دور الرقابة الإدارية والمالية يبرز هنا دور إدارات المراجعة الداخلية كونها الجهة الرقابية الداخلية الرئيسة بالمنشآت الحكومية وغير الحكومية في تقديم التأكيدات لمجالس الإدارات والمسؤول الأول بكفاءة وفعالية الضوابط الرقابية الداخلية وبالتالي تقديم التطمينات بأن الطريق معبد ومستويات الكفاءة والفعالية عالية، فإن صلحت هذه الإدارات صلحت المنشأة وإن فسدت هذه الإدارات فسدت منشآتها.
فلن نتوقع نجاحا من منشآت ضوابطها الرقابية الداخلية ضعيفة، ولن نتوقع فشلا من منشآت تضم لجان وإدارات مراجعة داخلية قوية ونشطة وتسعى دوما لاقتراح التحسينات.
لذا نطمح كمراجعين داخليين لزيادة مستوى الدعم المقدم إلى الجمعية السعودية للمراجعين الداخليين ماديا ومعنويا والتأكيد على دورها الريادي المهني في مجالات المراجعة الداخلية وتوفير المناخ المناسب لتضاعف نشاطاتها المهنية والتوعوية لتقوم بدورها على الوجه المأمول منها، وأن تبدأ مرحلة جديدة بالتنسيق مع ديوان المراقبة العامة الذي يسعى جاهدا وبكل احترافية رغم محدودية موارده وعدم استقلاليته المالية لتفعيل أدوار المراجعة الداخلية وتبني سياسة نقل تجربته إلى منسوبي إدارات المراجعة في الأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة.
** **
خالد بن عبدالكريم الحقيل - عضو الجمعية السعودية والمعهد الدولي للمراجعين الداخليين
Kh74444@gmail.com