د. خيرية السقاف
«محمد»، أحد المبتعثين للدراسة في الخارج، وجد في المسافة التي يقطعها بين بيته والجامعة ساعة «الزحمة» مدة كافية ليصغي إلى كتاب افتراضي مسجل بالصوت، وذلك أجدى نفعاً من الإصغاء لأغنية، أو الاستغراق في النظر إلى زحمة الطريق، أو التفكر في مسافته التي قد يعتريها الإنسان بشكل من سلوكه فيكون مضيعة لوقته..
الاستفادة من منجز التقنية لا يدرك أبعاد منافعها إلا من أوتي إلى جانب الرغبة فيها، بعد النظر،
وكلاهما يرتبطان بالعزيمة المضاد الفعال للكسل، إذ يستعيذ الكيِّس دوما ربَّه من الكسل..
ولعل غالب ما يفوِّت على الإنسان فرصته، أو وقته، أو ما يجديه هو المماطلة، السلوك الواقعي للكسل، والمرتبط كالتوأم بالأمل، الماثل يقظا في لحظاته، فالأمل كما يقال طويلة حباله، كناية عن تسويفه، وإراقته للوقت، وهدره لاقتناص اللحظة..
هذا المبتعث للدراسة يقول إنه في مدة شهر ذهابًا، وإيابًا للجامعة، في مواجهته الزحمة، قد استطاع أن يستمع إلى أربعة كتب مفيدة، لذا وجَّه لمن يرغب في الاستفادة أن يتخذ مثل ما فعلوا حرصًا على الوقت، واستفادة من الوسيلة، لعلَّ من يجعل الأجهزة الذكية، وبرامجها، ومتاحاتها، ومواقع إيصالها، وتواصلها، وما تعرض، وتقدم، وما تدعو إليه، وتحفز، وما تحرِّض عليه، وتغري به، بابًا عنها، لا بابًا إليها، وأخذًا منها لا عطاءً لها، ونجاةً منها لا غرقًا في مآلاتها..
وفق الله محمدًا، نموذج أبنائنا الواعين، النجباء، ومن يقتدي به..