محمد آل الشيخ
الصواريخ التي أرسلها الإيرانيون في اليمن باسم أذنابهم الحوثيين على مدن المملكة ليست موجهة إلينا وإنما موجهة للولايات المتحدة، وليس لها قيمة عسكرية تذكر، بل إن تصدي مضاداتنا الصاروخية لها جعلها أقرب إلى الألعاب النارية التي فضحت حقيقة قوة إيران الصاروخية التي تتباهى بها، رغم أنها بدائية الصنع، ودونما أنظمة توجيه دقيقة، وإيران -كما أقول دائما- هي ديك ورقي، يُحسن الصياح، وينظاهر بأنه في قوة الصقور، لكنه في الحقيقة مجرد عصابات مهترئة. إيران في سوريا -مثلا- لم تنفع الأسد، وكاد أن يصل الثوار السوريون إلى دمشق، لولا تدخل الروس الذين هم من قلبوا موازين القوة لصالح نظام الأسد وليست ميليشيات إيران؛ وهذه حقيقة يدركها كل من تابع تاريخ الحرب الأهلية السورية.
وهذه الصواريخ البدائية أرادت منها إيران أن تُسخن الأجواء بعد أن تأكدت أن الاتفاقية التي وقعتها مع أمريكا وكبار الدول الغربية سيقذف بها في سلة المهملات، ولن يجددها الرئيس ترامب. كما أن إيران من الداخل تعاني من مشكلات اقتصادية تتفاقم مع كل يوم جديد، ولا حل لها إلا بالتصالح مع الغرب، لتتمكن اقتصاديا من مواجهة تذمرات الشعب الإيراني الذي بدأ يدرك أن نظام الملالي الحاكم لن يحل مستويات الفقر الكارثية التي يرزح تحتها نصف السكان في إيران، فضلا عن تفشي المخدرات والبطالة التي انتشرت في أوساط كل المتعلمين؛ والملالي يدركون جيداً أنهم لن يستطيعوا قمع شعوبهم إلى الأبد، فإذا لم يقدموا حلولاً على الأرض من شأنها إنقاذهم من مشكلاتهم، فسوف تتسع رقعة التململ، بما يجعل نظام الملالي في حالة اضطرابات مستمرة.
لذلك فالنظام الإيراني سيبقى في حالة اختناق تتزايد مع مرور الوقت، حينما ينفذ الرئيس وعوده، بعدم تجديد الاتفاقية النووية ما لم يتم تعديل بعض بنودها، إضافة إلى ما يضمن عدم إيذائها بحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة. وإذا لم يذعن الإيرانيون لذلك فإن العقوبات ستبقى تخنق الاقتصاد الإيراني حتى ينتفض الإيرانيون وتعود إيران دولة مدنية عصرية، مثل بقية دول العالم.
لذلك فليس لدى الملالي حل إلا الهروب إلى الأمام واستمرار التصعيد على المملكة وربما الإمارات بمثل هذه الصواريخ التنكية، التي أطلق الحوثيون ما عدده خمسة وتسعين صاروخاً، لم يكن لها أثر يذكر على موازين القوى في الصراع بيننا وبين الحوثيين.
الزمن في صالحنا، وليس في صالح لا الحوثيين ولا الإيرانيين، وكل ما لدى الإيرانيين هذه الصواريخ البدائية، وميليشيات الحوثيين على الأرض اليمنية. وفي تقديري أن مثل هذه الصواريخ المهترئة البائسة لن تجبر المملكة على التخلي عن مناصرة الحكومة الشرعية في اليمن، كما أن الرئيس ترامب قطعاً لن يتراجع عن موقفه تجاه تجديد الاتفاقية؛ بمعنى أن الخيارات أمام الملالي محدودة ومحدودة جداً، ولن يُغير من محدوديتها تلك الصواريخ التي تشاغب بها إيران عسى ولعل أن تنقذها من ورطتها بشأن الاتفاقية، وليس أمامها إلا أن تذعن لشروط الولايات المتحدة الجديدة، وإلا تنتظر أزمات اقتصادية خانقة، ستطيح بنظام الخميني بأكمله.
إلى اللقاء