مها محمد الشريف
في مسيرة الأمم تشتد نبرة الحاضر وتظهر دلائل المستقبل فيصبح لكل عصر حياة خاصة به تصنع أهدافه من خلال منهجيته التعليمية المناسبة وتشكل إنسانه الفكري والثقافي، وإذا تحققت تلك بشكل مثالي برزت هوية المجتمع المنشودة ببعدها الديني، وكل القيم الحياتية المهمة لنموه واستقراره، وفي الحالة الحركية تلك لا بد من تعارضات واعتراضات نقدية مختلفة، لكن إذا تأملنا في حقيقة الأهداف نجد أن لا محل لهذه الاعتراضات في حال إيقاف الظنون وتصحيح الغايات ومن ثم التأثير الذي تحدثه.
وستكون عواقب العمل نمواً في المنتج وخاصة حينما يكون المنتج تعليماً يغذي العقول وقدراً رفيعاً من التهذيب ورقي الأخلاق وتنمية الكفاءات تمهيداً لمواجهة الحياة بالعمل، لولا أن هناك عدة نقاط تدحض حجة هذا الخلل وإن كانت في الغالب عامل أكبر لإعادة النور لمن أضل المتعلم والتاريخ المعاصر.
وهناك عدة أسباب تدعو إلى هذا الحذر: منها القيمة العملية بجانب قيمتها العلمية والتأثير وما بينهما من التفاعل، ومنها أيضاً ما وراء الأحداث الظاهرة، وتناول الإعلام قضايا وتحركات وزارة التعليم بشراهة؛ وجعلها من المواضيع الساخنة في بعض تناولاته لقضاياها وهمومها ومسؤولياتها، وله هنا ما يسوغ تناوله فهي رسالته ودوره وواجبه الوطني.
وفي المقابل تبدو هذه الوزارة هادئةً، وصامدة على الرغم من كثافة هذا الحراك الإعلامي والضجيج المستمر الذي يسهم في صناعته أحياناً عناصر صحفية من منسوبي الوزارة نفسها وتحديداً الممارسين للعمل الإعلامي من داخل الوزارة مما يعطي شيئاً من المصداقية لدى المتلقي فيما يطرح فتظهر في بعض أمورها محرجةً للوزارة والإحراج وحده كافٍ لتحقيق الهدف الإعلامي.
ويلزم هنا أن يكون الأمر بدهياً ومقنعاً، ولكن اللافت في الحقيقة هو تصريح معالي وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى حول توغل الفكر الإخواني المحظور في مؤسساتنا التعليمية التي يقودها في هذه الحقبة، فقد كان العيسى في هذا التصريح واضحاً وصريحاً حينما قال ما نود قوله نحن المواطنين حين أكد على نشأة المشكلة وتاريخ هذا الفكر المتطرف وبداياته وعناصره.
بل أشار بشجاعة إلى ما أسماه في كلامه بالغفلة عن هذا الخطر زمناً طويلاً حتى انتشر واستشرى وتوغل في بيئة التعليم ثم أكد العيسى نفسه عزم الوزارة على اجتثاث هذا الفكر وإبعاد ومحاسبة من يتعاطف أو يعجب أو يؤيد هذه الجماعة المحظورة.
وتتعاقب هنا آراء الناس وبعض الأفكار في زمن يحمل معه جذور الماضي، وتنبثق منه معتقدات مؤثراتها أكبر من العصر الحديث، وفي عدة لقاءات وبرامج كان للمتحدث الرسمي للوزارة إجابات لكل تساؤلات الإعلاميين وكانت محل تأثير وتوضيح.
إذن فليس من شك في أن المناهج تتطور وتعالج بطرق حديثة وإصلاح التعليم مسألة كل الأمم عمدت إلى تصحيحها إذا أثبتت التجربة أن المعلومات مغلوطة أو لا تستقيم بها الحياة، ولدى الوزارة تحرك شامل لمواجهة هذا الفكر وغيره من الأفكار التي تمس وحدة وطننا وهو ما يتمناه الجميع بلا شك خاصة إذا كان التحرك يشمل العناصر المهمة في العملية التعليمية كالمناهج والمعلمين واختيار القيادات التربوية والنشاط والتدريب وابتعاث المعلمين للخارج للاستفادة من تجارب الدول.