«الجزيرة» - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية:
أحد أهم الإنجازات الاقتصادية خلال السنوات الثلاث الأخيرة هو التطور الكبير الذي لحق بقطاع الصناعات التحويلية، حيث برزت على السطح العديد من الأنشطة ذات القيمة الصناعية العالية خارج قطاع النفط، وبالتالي تحقيق هدف التنويع الاقتصادي.
وبالرجوع للوراء قليلاً، نلحظ ارتفاع مجمل مساهمة الصناعات التحويلية في الاقتصاد السعودي عبر الثلاثين عاماً الأخيرة، حيث ارتفع من 74.2 مليار ريال في 1986 إلى 309.98 مليار ريال في 2016. بحيث ارتفعت مساهمتها في الناتج بالأسعار الثابتة من 8.1 % في 1986 إلى 12.0 % في عام 2016. ولحقت تحسينات جذرية بهيكل الصناعة التحويلية بالمملكة ، حيث ارتفعت مساهمة الصناعات التحويلية غير النفطية من 28.4 مليار ريال في 1986 إلى 213.4 مليار ريال في 2016، وبالتالي، فإن هذه الصناعات الأخرى في عام 2016 أصبحت هي المكون الرئيسي في القطاع الصناعي (68.8 %) بعد أن كانت مساهمتها في الصناعة التحويلية لا تتجاوز (38.3 %) في عام 1986. وعلى مستوى الأنشطة الصناعية، فقد كانت صناعات المواد الكيميائية تسيطر على أعلى رؤوس أموال من حيث القيمة بحوالي 566 مليار ريال لعام 2017. يليها صناعات المعادن اللا فلزية ثم صناعات فحم الكوك والمنتجات النفطية المكررة. وهي صناعات من الطبيعي أن تحتل هذه المراتب المهمة بالمملكة نظراً لطبيعتها النفطية، حيث إنها تمتلك مقومات نسبية وتنافسية لإقامة هذه الصناعات. ولكن التطور الجديد والذي يمثّل أحد أهم تطلعات القطاع الصناعي بالمملكة، هو ذاك الذي لحقت بالصناعات الغذائية بالمملكة، والتي تطورات إيجابية في الأسواق الأجنبية وخاصة دول الجوار، حيث سيطرت الصادرات السعودية من منتجات كثير منها على دول الجوار، فرغم أن المنتجات الغذائية جاءت في المرتبة الخامسة من حيث أعلى رؤوس أموال للصناعات التحويلية بقيمة 75 مليار ريال، ورغم أن مشاركتها لم تتجاوز نسبة 6 % حتى الآن، إلا إن معدلات النمو التي أحرزتها خلال الست السنوات الأخيرة تعتبر لافتة للنظر ومشجعة، حيث نمت بنسبة 70.6 %، من حوالي 35.5 مليار ريال في 2010 إلى 60.6 مليار ريال في 2017 .
أما الأمر الأكثر أهمية، فهو تطور الصناعات الغذائية في مؤشر التراخيص الصناعية، وهو المؤشر الذي يدلّل على شكل الصناعة في المستقبل، فقد جاءت الصناعات الغذائية في المرتبة الأولى من حيث أعلى تراخيص في 2017، بقيمة 5.3 مليار ريال، بشكل بدأت معه تنافس الصناعات النفطية التحويلية والتكرير، وهو تطور مثير لم يكن متوقّعا.
وتعتقد «وحدة أبحاث الجزيرة» أن هذا التطور ليس فقط لتلبية احتياجات السوق المحلي، بقدر ما هو تحركا للمنافسة في الأسواق الأجنبية، وبرزت خلال الآونة الأخيرة تطلعات العديد من الشركات الغذائية السعودية للاستحواذ على حصص سوقية أعلى في أسواق دول الجوار، وخاصة دول الخليج والعربية الشرق الأوسطية. وإذا افترضنا أن كل ترخيص يتحول إلى مصنع فعلي خلال فترة تقدر بثلاث سنوات، فإن «وحدة أبحاث الجزيرة» تتوقّع أن تتصدر الصناعات الغذائية القطاع التحويلي بالمملكة في 2022.