إبراهيم عبدالله العمار
في تجربة نُشرت في 2007م استعان الباحثون بمائة متطوع لمشاهدة تقديم عن موضوع معين، الفريق الأول فقط شاهد سلسلة من الصفحات النصية، الفريق الثاني شاهد نفس السلسلة لكن إضافة لنافذة فيها تقديم صوتي ومرئي فيه معلومات إضافية (ما يسمى الملتيميديا)، وبعدها اختبروهم وظهر للباحثين أن من قرأوا النص فقط أجابوا على معدل 7.04 من الأسئلة بينما فريق الملتيميديا أجاب على معدل 5.98، وهذا الفرق ليس بسيطاً كما يبدو بل حسب كلام الباحثين فهو فرق كبير!
إضافة لذلك فإن الذين قرأوا النص فقط قالوا أن المقدَّمة أكثر تشويقاً وأكثر تعليما وأسهل فهماً وأمتع (وهذه هي المشاعر التي تريد المتعلمين أن يشعروا بها)، بينما متابعي الملتيميديا كانوا أكثر من الفريق الآخر في قول أنهم لم يستفيدوا شيئاً من تلك المقدَّمة.
تقنيات الملتيميديا المنتشرة على الشبكة – كما يقول الباحثون على تلك الدراسة – يَظهر أنها تَحُدّ التعلُّم بدلاً من زيادته! هذا ونحن كنا نتفاءل أن الانترنت وتقنياتها ستحسّن التعليم! في جامعة كانساس ستيت صنع العلماء تجربة جعلوا فيها فريق متطوعين يشاهد قناة إخبارية فيها الشريط الإخباري والتصويرات البيانية infographics، والفريق الآخر شاهد نفس الشئ لكن بدون الشريط والتصويرات، فقط مذيع الأخبار، فماذا حصل؟ الذين شاهدوا الأخبار فقط تذكروا من الأخبار أكثر من الفريق الآخر. يقول الباحثون عن التجربة: «إن هذا القالب ذو الرسائل المتعددة في نفس الوقت يفوق قدرة المشاهد على الاستيعاب».
إن استقبال المعلومات بأكثر من صورة ليس دائماً يضاد الاستيعاب، كما نعلم من الكتب التي فيها صور، فالصور تساعد في توضيح وترسيخ الكلام المكتوب، وخبراء التعليم وجدوا أن المقدّمات المصمَّمة بعناية التي تَجمَع بين الصوت والمرئي يمكن أن تحسن التعلم، وإنما المشكلة كما يظن العلماء: المخ لديه قنوات مختلفة لهذه الأشياء، قناة للصوت وأخرى للمادة للمرئية إلخ، لكنها مفصولة، وبسبب هذا فإن الذاكرة قصيرة المدى يمكن استخدامها بشكل أفضل إذا استُخدمت أكثر من قناة للتعلم.
حتى في بعض الحالات فالآثار السلبية للانتباه المتوزع يمكن أن تُحسَّن باستخدام الصوت والصورة، لكن الانترنت لم يصنعها خبراء تعليم لتحسن التعلم، هي تقدم المعلومات بشكل خليط مبعثر يمزق الانتباه.