فهد بن جليد
كلما حاول أحدهم افتعال حجج واهية وإثارة قضايا فرعية للوصول إلى هدفه، تذكرنا (الرواية الطريفة) التي تناقلتها الألسُن قديماً عن (جُحا ومسماره) التي غدت مثلاً يُضرب، وفيها أنَّ جُحا عندما باع بيته بالكامل، اشترط في العقد أن يبقى في مُلكيته مسمار مُعلق في أحد الجدران، ويكون له الحق في أن يأتي مسماره كلما أحب، وقد انطلت الحيلة على المشتري الجديد ووافق على أساس أنَّه أمر وقتي، ولكنَّه تفاجأ بأنَّ جُحا بات يدخل بيته للاطمئنان على مسماره في أوقات الطعام فيشاركه زرقه، حتى استولى جُحا على بيته بالكامل من جديد -بعد أن طفش المشتري وترك المنزل والمسمار- وهو ما ينطبق اليوم على مطالبة أصحاب شركات تأجير السيارات بالسماح لهم (بخبير أجنبي واحد) لتولي الأمور الفنية المتعلقة بالاستلام والتسليم، وبرأيي أنَّ هذا الخبير سيكون مسمار جُحا الجديد بكل تأكيد، وسيصعب إخراجه مُجدداً.
أرجو أن تصرف وزارة العمل والتنمية الاجتماعية النظر عن هذا الأمر الذي وعدت بدراسته، بعد أن رفعته وتبنته للأسف (لجنة النقل البري) في غرفة جدة، التي ينتظر منها أن تكون خير عوين وداعم لزيادة الثقة في الشباب السعودي المنخرط في هذا القطاع، خصوصاً وأنَّ جميع المبرّرات التي تم نشرها لا تُعد مشكلة حقيقية أو معضلة يصعب على الشباب السعودي تعلمها وإتقانها -بما لا يضر بمصلحة العمل أو يتسبب في أي خسارة مالية للمكتب- فمثل هذا الطلب له تأثيره السلبي على شبابنا ويهز ثقتهم في أنفسهم، ويمكن اعتباره انتكاسة لو تبنته الوزارة بالفعل، ولربما قاد لمشكلة أكبر كتسرب الموظفين السعوديين، وعدم شعورهم بالأمان والجدية في التوطين.
مثل هذه الخطوة قد نتفهمها لو أنَّها طُرحت للنقاش سابقاً، وأُقرّت قبل التوطين الكامل، وسُمح ببقاء أجنبي واحد لتسيير العمل لمدة (ثلاثة أشهر) مثلاً مع الشباب السعودي، أمَّا وأنَّ وزارة العمل والتنمية الاجتماعية اختارت (التوطين الكامل) كخطوة رحبنا بها جميعاً وصفقنا لها كثيراً، وانحاز لها المجتمع باعتبارها خطوة تصبُّ في مصلحة أبناء الوطن، بفتحها المجال والفرص الوظيفية أمام أكثر من عشرين ألف مواطن ومواطنة، فإنَّه برأيي يجب صد مثل هذه الأفكار وعدم مناقشتها في الأصل، باعتبارها تراجعاً ضمنياً في وجه التوطين يُهدّد نجاحه، بالانتقاص من كفاءة وقدرة السعوديين عند الاستعانة بـ(الخبير الأجنبي) على طريقة مسمار جُحا.
وعلى دروب الخير نلتقي.