رقية سليمان الهويريني
في كل مناسبة حزينة تنتهك فيها إنسانية امرأة؛ تقوم النيابة العامة بالتذكير بأن العنف أو أي شكل من أشكال الاستغلال أو إساءة المعاملة الجسدية أو النفسية أو الجنسية أو التهديد به تجاه شخص معين، يعد من جرائم الإيذاء. ولم تحدد النيابة العامة من هم المتعرضون للعنف أو تصنفهم ولكنها اكتفت بعبارة أن «البعض يرتكبون هذه الإساءات تجاه الآخرين متجاوزين حدود ما لهم من ولاية عليهم أو سلطة أو مسؤولية أو بسبب ما يربطهم من علاقة أسرية أو إعالة أو كفالة أو وصاية أو تبعية معيشية».
وعدَّت النيابة العنف جريمة، وصنفته بأنه من أفعال الإيذاء الواردة في نظام الحماية من الإيذاء، وأن مرتكبَه يعاقَب بالسجن لمدة تتراوح بين شهر وسنة، وغرامة تتراوح بين خمسة آلاف وخمسين ألف ريال، أو بإحدى العقوبتين. وفي حالة تكرار الإيذاء والعنف، تُضاعف العقوبة ويكون للمحكمة المختصة حقُّ إصدار عقوبة بديلة للعقوبات السالبة للحرية.
إن اعتراف النيابة العامة بأن العنف الأسري ناتج من الإسراف في مفهوم الولاية المطلقة والسلطة الأسرية المنفلتة يتطلب منها تقييد حدود الولاية التي تصل للضرب والإيذاء والعنف بكافة أشكاله، وضرورة إعادة مفهوم الولاية بأنه ليس تعنتاً وتسلطاً وهيمنة تامة.
إن كافة البشر في جميع أنحاء العالم يضبطون أعصابهم ويفكرون ملياً ولا يتهورون أمام العسكري ورجل الأمن، وينفذون ما يطلبه حرفياً، ويذعنون لما يقرره خوفاً من مغبة عدم الامتثال، وكذلك يحترمون مدراءهم ويحاورونهم بأدب وتهذيب، ويقدِّرون جيرانهم بالمعروف. إلا أن الأمر يختلف عند بعض الرجال حين يكون النقاش مع الزوجة أو الأبناء حيث ينقلب الحديث لشجار وعنف وضرب وقد ينتهي بالقتل؛ لأنهم يرون بفهمهم أنهم ضعفاء و»تحت حكم الولاية» فهم يقررون مسبقاً عجزهم واستكانتهم.
إن تفعيل العقوبة ووقف التنازل ممن وقع عليه العنف، ورفع مكانة المرأة ودعمها معنوياً ومنحها الثقة كفيل بتقليل مظاهر العنف المتفشي في المجتمع، ودون ذلك سيستمر العنف ويبقى المعنِف حراً طليقاً، بينما تودع المعنَّفات دُور الحماية!