محمد آل الشيخ
هناك ثلاث حركات ميلشياوية تعتمد عليها إيران في توسعها، وتحقيق ما يسمونه تصدير الثورة، أولها وأهمها وربما أنجحها ميليشيا حزب الله في لبنان. الميليشيا الثانية حركة حماس المتأسلمة في غزة. أما الميليشيا الثالثة، وتعتبر حتى الآن الأضعف فهي ميليشيات الحوثي في اليمن.
حزب الله من بين الميليشيات الإيرنية هو الأقوى والسبب يعود إلى الحريري الأب، الذي وافق على نزع سلاح كل الفرقاء الذين كانوا يتقاتلون في الحرب الأهلية اللبنانية، وسمح باستثناء حزب الله من سحب سلاحه، الأمر الذي جعله يسيطر على الأرض اللبنانية سيطرة شبه كاملة. ميليشيا حماس الإرهابية في غزة وبسبب الدعم المالي الإيراني تحولت أولويات أهدافها بالتمهيد للتمدد الفارسي، الذين فيما بعد سيحررون فلسطين، من النهر إلى البحر كما يزعمون؛ وساهمت وبشكل محوري في تمرير أن تكون قضية فلسطين بمثابة قميص عثمان، يستخدمه الإيرانيون في بسط نفوذهم التوسعي في البلدان العربية.
الحركة الميليشاوية الثالثة هي ميليشيا الحوثي، وهي حركة زيدية المذهب، ولكنها جارودية التوجه حيث تقترب في أطروحاتها من الاثني عشرية، الذي يبشر به ملالي الفرس، وهي -بالمناسبة- لا تُمثل إلا نسبة ضئيلة من المذهب الزيدي في اليمن الشمالي، لا تتجاوز نسبتهم الخمسة إلى العشرة بالمائة من شعب شمال اليمن، أما اليمن الجنوبي فلا يكاد يكون لهم أي نفوذ بين أهله.
الحوثيون ولأسباب موضوعية لا يُمكن أن تسمح لهم لا المملكة، ولا الإمارات، بتكرار خطأ اللبنانيين، لتكون المليشيا الحوثية، كما هي تجربة حزب الله في لبنان، حتى وإن طالت الحرب في اليمن إلى عشر سنوات أو أكثر، فانتصار الحوثيين هناك يعني أن إيران أصبحت في خاصرتنا الجنوبية، وهذا ما يرفضه السعوديون شعبًا وحكومة رفضًا قاطعًا لا رجعة فيه مهما كانت الضغوط والتذرع بأن حرب اليمن أكلت الأخضر واليابس، كما تدعي منظمات حقوق الإنسان، التي يمولها بسخاء منقطع النظير النظام القطري الحاكم.
والسعوديون لا يمانعون إطلاقًا في الحل السياسي، ولكنهم يرفضون، وبشدة، أن يكون الحل السياسي في اليمن على غرار حل الحرب الأهلية اللبنانية، حيث احتفظت ميليشيات حزب الله بأسلحتها، لتكون كلمتها بعد أن وضعت الحرب الأهلية أوزارها هي الأقوى بلا منازع، كما هو حاصل الآن في لبنان، فالحل السياسي يجب أن يبدأ من تسليم الميليشيات الحوثية كامل أسلحتها إلى الجيش الوطني الذي يمثل كل اليمنيين، ولا يمثل فئة بعينها، وهذا بالطبع ما يرفضه الإيرانيون، وبالتالي الحوثيون, لأن انقلاب الحوثيين يهدف في الدرجة الأولى أن يكون لهم دون سواهم الكلمة العليا في توجيه القرارات، وهذا الهدف يحقق للحوثيين ما هم يقاتلون من أجله، كما أنها العقبة المحورية الكأداء التي تعترض أي حل سياسي في الحرب الدائرة هناك.
لذلك فإنني أرى أن الحل السياسي الذي ينادي به الحوثيون متعذر، ولن تقبله الشرعية اليمنية ولا دول التحالف، وعلى رأسها المملكة، ولو اجتمعت دول العالم في صفهم. وليس لدى المملكة ودول التحالف مانعًا من تشكيل حكومة وفاق، يكون الحوثيون ممثلين فيها، كحركة سياسية وليست ميليشيا عسكرية، ويكون الجيش الوطني اليمني (غير المسيس) هو من يحمي ويذود عن هذا الوفاق، ويكون الجميع مساهمين فيه، بما فيهم الحوثيون، مثلهم مثل بقية الفرقاء الآخرين.
وهنا تكمن العقدة التي تجعل الحرب في اليمن تستدعي في النهاية أن تفرض دول التحالف منظورها للحل السياسي بقوة السلاح، إنه الخيار الوحيد أمامها.
إلى اللقاء